بين الكوارث التي مصدرها الإنسان، والكوارث الطبيعية، فارق شاسع كالفارق الموجود بين التسيب والإهمال والإستهتار.. وقمة المواطنة!
في الآونة الأخيرة كثرت الفيضانات التي تودي بحياة مواطنين، على حين غرة، وتخلف وراءها خسائر مادية، لا تعد ولا تحصى، في الشلف والمدية والمسيلة، وغيرها من الولايات التي تغمر المياه الشتوية والموسمية بعض مناطقها، ويحصل ما حصل وسيحصل لاحقا، طالما أن التعدي على حقوق الطبيعة، قائم، والحكمة المعروفة تقول إن الطبيعة، في الغالب الأعم، تسترجع ما ضاع منها او اختطف، في وقت من الأوقات.
الكوارث الطبيعية التي استعدت لها البلاد بنصوص قانونية وتعويضات، أمر، والتعدي على «حقوق الطبيعة» و»ملكيتها» شيء آخر.
المحيط العمراني في الجزائر بات أقرب الى «فوضى منظمة»، فمن جهة أشغال التهيئة تكاد في بعض الأحيان تكون مثالية، مقابل غياب تام لـ»تهيئة» مسارات المياه الشتوية، التي كان الفلاحون حتى مطلع ثمانينات القرن الماضي، يسارعون الى تنظيمها، بحفر وتجديد مجاري المياه، بما فيها مجاري مياه الري صيفا، كل خريف من العام الموالي..
هذا السلوك المدروس غاب في زحام «الفوضى المنظمة»، ومعه غاب سلوك بشري كان يحترم «حق الطبيعة»، وعوّضه سلوك تدميري للبيئة والطبيعة، وهو رمي القاذورات المنزلية والصلبة، كيفما اتفق، وغالبا ما تكون مجاري المياه، في المدينة والريف، ضحيتها الأولى، والضحية الثانية أودية وجدت أصلا لتصريف المياه بشكل طبيعي، ودون حاجة الى اليد العاملة من «آسروت» ولا «أوبيال»!
كل الصور الملتقطة عن الفيضات الأخيرة والتي سبقتها، تشير الى وجود كم هائل من القاذورات التي تسد الطريق على مياه الأمطار، التي إن لم تجد مجراها الطبيعي خرجت عنه فتحدث الكوارث.
من المسؤول عن هذه الكوارث، التي توصف «طبيعية» والطبيعة بريئة منها ومن قميص يوسف؟
هل نحن بحاجة الى حملات تحسيسية من نوع آخر، تحسيس الناس بخطورة سلوكات غريبة، لكنها بسيطة في أذهان من يسدّون مجاري المياه في المدينة والطبيعة، بفضلاتهم المتركمة حدّ التحول الى عوائق كبرى، منها تأتي الكوارث، بمجرد ما تتجاوز كميات الأمطار المتساقطة 25 ملم..؟
في الواقع.. نعم!
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.