قبل عشرين عاما «حجّت» جيوش حلف شمال الأطلسي «ناتو» بقيادة أمريكا إلى أفغانستان ردا على هجمات 11 سبتمبر التي استهدفت برجي التجارة العالمي في نيويورك في حادثة إرهابية مروّعة، كانت الأولى من نوعها التي شهدها بلاد العم سام، دفع واشنطن آنذاك في عهد الجمهوريين برئاسة جورج بوش الإبن لإعلان حرب ضروس دون هوادة ضد الإرهاب عبر أصقاع العالم وما تلاه من احتلال شنيع لأوطان وتشريد شعوب بذريعة « تمويلها » الإرهاب.
وبعد عقدين من الزمن تبدأ الولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة الديمقراطيين في تنفيذ إنسحاب من أفغانستان يشمل كل جيوش حلف الناتو التي تمثل أربعين دولة، وقد حدّدت إدارة الرئيس بايدن، شهر سبتمبر المقبل، لانسحاب آخر الجنود المقدّر عددهم بـ 2500 عسكري، لكن في خضم هذا التحوّل الذي تعتبره السلطات الأفغانية فرصة لسلام محفوف بالمخاطر مع استمرار التوتر الأمني يبرز التساؤل، الى أين ستتجّه جيوش حلف الناتو بعد خروجها من أفغانستان؟ .
من دون شك، ستكون الإجابات غير مقنعة على المدى القصير في هذا التوجه مع تغير موازين القوى العالمية ودخول عهد جديد يتسّم بمرحلة الحرب بالوكالة، إذا قلنا إن مفهوم الإرهاب العالمي قد تغير هو الآخر ولم يعد الارهاب الحقيقي مرتبطا بالدين، كما قدّمه الفكر الغربي قبل عقود كدعاية لإرسال الجيوش وإقحامها في حروب أتت على الأخضر واليابس ولم تستثن المدنيين العزل، وكانت أغلبها لإسكات صوت أنظمة صرخت طويلا في وجه الأمبريالية العالمية وكشفت مخططاتها البائسة لنهب ثروات الدول الفقيرة.
سيناريو مكافحة الإرهاب تغير مع بروز إرهاب جديد عنوانه «اليمين المتطرف» الذي بات يهدّد كيان الدول الغربية أكثر من أي وقت مضى، إذ تشير تقارير رسمية أن أكبر تهديد للغرب يأتي من اليمين المتطرف، بنسبة 250 ٪ وتراجع تهديد الإرهاب الكلاسيكي بنسبة 25 ٪، ما يعني سقوط دعاية احتلال الأوطان بحجة الإرهاب، غير أن هناك مخاوف من أن تكون وجهة جيوش الناتو الخارجة من أفغانستان، منطقة الساحل الإفريقي وهي بؤرة الإرهاب التقليدي الجديدة بحسب المؤشرات الراهنة، ما يؤكد تنفيذ سايكس بيكو 2 في المنطقة!
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.