لا أعرف «ثقافة» ترسخت في شعب مثلما ترسخت بيننا،، التبذير في كل شيء، حيث أصبح خاصية تتميز بها كل فئات المجتمع باختلاف مدخول وميزانية كل أسرة ومستواها المعيشي .. الجميع يبذر وبدرجات متفاوتة دون أي وازع ديني أو أخلاقي.
الغريب في الأمر أن الدين الإسلامي الحنيف، عقيدة الجزائريين ينهى عن هذه الآفة مصنفا المبذرين ضمن «إخوان الشياطين»، والكل يعرف ذلك تماما، إلا أن في الواقع هناك عوامل قد نجهلها التي تصيبنا بنوع من «انفصام في الشخصية»، أي نعيش بشخصيتين في نفس الوقت، من جهة نعمل بتعاليم الدين الحنيف، المساجد مملوءة بالمصليين،والجميع يجتهد في إحياء المناسبات الدينية ومن جهة أخرى لا نعير لاقتصاد المعيشة اهتمام.
إحياء المناسبات الدينية على غرار شهر رمضان الكريم الذي يشارف نهايته، لا يخلو من هذه الظاهرة المقيتة، والأغرب أن أكثر الشهور التي يكون فيها التبذير بشكل كبير هو شهر التوبة والغفران، وهذا ما يثير التساؤل كأن ذلك الشخص الذي يمارس شعائره الدينية بإخلاص، «يعكرها» بسلوك المبذر الذي يقترب فيه من «الشيطان الرجيم»، وأي تشبيه أبلغ مما جاء في القرآن الكريم.
أخطر ما في الأمر التبذير، كونه أصبح سلوكا يريد إظهاره البعض أنه نوع من الرفاهية، أي أن يقوم برمي المأكولات حتى الكماليات في بعض الأحيان ليظهر لغيره أنه مرتاح ماديا، وهو يعتقد أنه بهذا «البذخ» سيثير اهتمام الناس حوله، في حين أنه بهذا التصرف يزيد انحطاطا ويفقد آخر ما فيه من قيم إنسانية يقودها العقل والاخلاق.
«المصيبة» هناك أشخاص ليسوا من ميسوري الحال، ومع ذلك يبذرون، وخير مثال عن ذلك «الخبز» رمز الحياة إلى جانب الماء والذي بلغت درجة تبذيره في سائر العام وخاصة في هذا الشهر الكريم مستوى غير معقول وإذا لم «يعالج» الدين والاخلاق هذا السلوك المرفوض، فقد يكون الثمن زوال النعمة لا قدّر الله.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.