تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة تصعيدا وصف بالخطير امتد من حي الشيخ جراح والقدس المحتلة إلى قطاع غزة، حيث سقط عشرات الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
يأتي التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة على خلفية استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على سكان مدينة القدس المحتلة، ومخططها لتهجير عائلات مقدسية من منازلها لصالح مستوطنين.
غزة تحت القصف
بلغ التصعيد الإسرائيلي ذروته في الأيام الأخيرة بعد أن امتد التوتر إلى مناطق في قطاع غزة، حيث تسببت غارات إسرائيلية في سقوط أكثر من عشرين شهيدا بينهم أطفال، وإصابة أكثر من مئة آخرين، فضلا عن دمار كبير لحق بالمنازل والشقق السكنية والممتلكات في مختلف مناطق القطاع.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت المسجد الأقصى أمس الاثنين مستخدمة الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع واعتدت على المرابطين داخل المسجد.
وحصلت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في المسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة من مدينة القدس الشرقية المحتلة، مما أسفر عن سقوط العديد من الجرحى، وفق حصيلة نشرتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
واستهدفت طائرات حربية إسرائيلية مواقع في مدينة خان يونس جنوبي غزة، واعترف جيش الاحتلال بأنه استهدف نحو 130 موقعا، واغتال 15 ناشطا من حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي منذ بدء هجماته على القطاع غزة، مساء أمس الاثنين، في عملية أطلق عليها اسم “حارس الأسوار”.
وجاء العدوان الإسرائيلي ردا على المقاومة الفلسطينية التي ردت بدورها على اقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى واعتداءها على السكان هناك.
وأكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس أنها وجهت ضربة صاروخية نحو مناطق الاحتلال نُفذت بصواريخ من طراز A120.
وقالت الكتائب القسام في بيان لها إن الضربة الصاروخية استهدفت مدينة عسقلان المحتلة، مما أسفر عن جرح 7 إسرائيليين، بحسب المصادر العسكرية الإسرائيلية.
“حي الشيخ جراح”.. مخاوف من نكبة أخرى
وتشهد مدينة القدس المحتلة منذ بداية شهر رمضان اعتداءات تقوم بها الشرطة الإسرائيلية والمستوطنون في منطقة “باب العمود” و”حي الشيخ جراح” ومحيط المسجد الأقصى.
وتواجه 12 عائلة خطر الإخلاء من بيوتها لصالح مستوطنين إسرائيليين بموجب قرارات صدرت عن محاكم إسرائيلية.
وقضت محكمة إسرائيلية قضت في وقت سابق بإجلاء أربع منازل يسكنها فلسطينيون لديهم عقود أعطيت لهم من قبل السلطات الأردنية التي كانت تدير القدس الشرقية بين عامي 1948 و1967 .
وتثبت تلك العقود ملكيتهم لتلك العقارات في الحي.
واستقرت 28 عائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح عام عام 1956، وكانت تأمل أن يكون هذا هو اللجوء الأخير لها، بعد أن تم تهجيرها من منازلها إثر نكبة عام 1948.
وتقول العائلات التي ازداد عددها إلى 38 منذ ذلك الحين، إنها تعيش نكبة متجددة يوميا، لكنها تؤكد على حقها في البقاء في منازلها، وبأنها لن تعترف ببأي قرار يقضي بإخلائها من منازلها.
ويؤكد خالد حمد (30 عاما) وهو من سكان الشيخ جراح لوكالة رويترز “أتت عائلاتنا إلى هنا كلاجئين. الأمر يحصل من جديد”.
ويقول يشير محمد الصباغ، أحد سكان الحي، في حديث لوكالة الأناضول التركية، أن معاناة السكان بدأت في العام 1972، حينما زعمت لجنة طائفة السفارديم، ولجنة كنيست إسرائيل (لجنة اليهود الأشكناز) إنهما كانتا تمتلكان الأرض التي أقيمت عليها المنازل في العام 1885.
وللإشارة، أطلق اسم الحي “الشيخ جراح” نسبة إلى الطبيب الشخصي للقائد لصلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس من الصليبيين في عام 1187.
انتهاك القانون الدولي
ترى الأمم المتحدة أن قرار إخلاء الفلسطينيين من منازلهم يعتبر انتهاكا إسرائيليا للقانون الدولي، وقالت الهيئة الأممية في تعليق سابق لها على القرار الإسرائيلي إن القدس الشرقية ما تزال جزءا من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واعتبرت أن الاجراءات الإسرائيلية باطلة وفقا للقانون الدولي.
ومن جهتهم، اعتبر قناصل دول أوروبية زاروا “حي الشيخ جراح” ومناطق أخرى في مدينة القدس، أن إخلاء عدد من العائلات الفلسطينية “يثير القلق الشديد، وهي أعمال غير قانونية بموجب القانون الإنساني الدولي، ولا تؤدي إلا إلى تأجيج التوتر على الأرض”.
ودعوا في بيان صدر عنهم عقب زيارتهم لحي الشيخ جراح، صباح اليوم الثلاثاء، للتعرف على أوضاع الأسر الفلسطينية المهددة بالإخلاء، السلطات الإسرائيلية إلى التحرك بشكل عاجل لتهدئة التوتر الحالي في القدس المحتلة، وتجنب أعمال التحريض حول المسجد الأقصى واحترام الوضع الراهن.