تسعى السّلطة الانتقالية في مالي إلى إعادة توحيد الرأي العام الداخلي حول مجابهة المتسبّبين في جعل البلاد بؤرة توتر عالمية، ومركزا لنشاط الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي دون الاكتراث لأصوات الشّعب المطالبة بالتغيير منذ سنوات طويلة تحت حكم عسكري بدأ دوره يتراجع عن الحياة السياسية الجديدة. وما تلا ذلك من تغير طفيف في مسار حركة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، التي مازالت في حاجة إلى مزيد من الاستقرار الأمني.
السلطة الانتقالية بقيادة الرئيس باه نداو تتولى تسيير شؤون البلاد منذ استقالة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، استطاعت بشكل كامل استرجاع ثقة الشعب المالي في غضون أشهر قليلة، في وقت يسعى فيه إلى تنفيذ استراتيجية نقل الحكم للسلطة المدنية تدريجيا وفق خطة شاملة في غضون 18 شهرا حدّدتها مجموعة دول «اكواس»، تبقى منها سنة واحدة تنظّم خلالها انتخابات رئاسية ستكون الأولى في تاريخ البلاد يختار فيها الشعب قائده بكل حرية وديمقراطية.
ولما تمثّله الثقة بين السلطة الانتقالية والشعب من دور محوري في تعزيز الوحدة الوطنية أمام التدخلات الأجنبية، خطت الحكومة المالية الانتقالية خطوة ناجحة إلى حد بعيد في اكتساب شرعية داخلية من خلال تقديم استقالتها بعد كشف التحقيقات تورط عدد من الوزراء في قضايا فساد وضعف اداء بعض الوزراء، رغم أنها حكومة تصريف أعمال فقط، غير أنّ الوزير الأول يريد فعلا مد جسور ثقة مع المواطنين تمهيدا لمختلف المحطات السياسية، مبعدا بذلك كل الشبهات حول الطاقم الحكومي الذي سيشكّل هذه الأيام عقب تجديد الثقة فيه تقديرا لجهوده في إرساء حكم أكثر انفتاحا عنوانه استقلالية القرار، لاسيما استقلالية القضاء التي مكّنت في ظرف زمني قصير من توقيف عشرات الشخصيات المتورطة في نهب المال العام وتعطيل التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد طيلة سنوات خلت.
ومع الانفتاح الذي تنشده السلطة الانتقالية، فإنّ أمام الرأي العام المالي خيارات كثيرة لمرافقة ساسة البلاد على طريق الخروج من عمق الأزمة السياسية والأمنية باتجاه مرحلة مستقرة تمهيدا للحوار الشامل مع كل المعارضين ضمن مسار مصالحة شاملة قد تنهي سيناريو الدولة الهشة الى الابد.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.