تكلّم «مير» القصبة مؤخّرا عن عملية تهيئة طرقات الحي العتيق، وتخصيص ميزانية بالملايين، لا أتذكّر الرّقم، لكن السّؤال المطروح أي طرقات بقيت من القصبة ليتم تهيئتها؟ يقدّم هذا المشروع في الوقت الذي تتساقط البنايات الواحدة تلوى الأخرى والسكان في حالة ذعر مستمر.
ما تبقّى من دور المدينة العتيقة يحتاج إلى ترميم ويتطلّب ميزانية لذلك وهذا أمر طبيعي، خاصة بعدما صنّفت ضمن التّراث العالمي، لكن هندسة القصبة مختلفة عن الأحياء الأخرى، لا يوجد بها طرقات كبيرة، بل أزقّة، أو معظمها أزقّة، ثم ما هي فائدة تهيئة طرقات توجد عليها «شبه عمارات»؟ أتحدّث هنا عن القصبة السفلى، التي كل سكناتها تقريبا مصنّفة في الخانة الحمراء.
أعتقد أنّه كان ينتظر من «المير» أن يحرص على الإسراع في عملية الترحيل، التي تبدأ وتتوقّف في كل مرة بدون معرفة السبب، وقد تاه السكان بين البلدية، الدائرة والولاية يبحثون عن الجهة التي تخلّصهم من الرعب المستمر الذي يعيشونه في مساكن تفتقد لأبسط ظروف العيش.
السكان يبحثون عن مسكن لائق أو ترميم مساكنهم قبل الطرقات، مع العلم أنّ أشغال الميترو ساهمت بشكل كبير في هشاشة المباني وحتى «الطرقات» التي أدت إلى انهيار الطبقة الإسمنتية للعمارات نحو الأسفل «القاعدة»، ونالت الأزقة نصيبها من هذا الخطر.
وكان الأجدر أن ترتّب الأولويات، وأعتقد أنّ أولوية الأولويات في الوقت الرّاهن هو ترحيل السكان القاطنين في المباني الآيلة للسّقوط في أي لحظة وهي كثيرة، وإخلاء القابلة للترميم، ثم تأتي تهيئة الطرقات تبعا لذلك، حتى لا يتكرّر سيناريو الانهيارات التي أدّت إلى تسجيل ضحايا. ومن جهة أخرى، يتم إعادة الوجه اللائق لهذا الحي العتيق الحافظ للذاكرة الشعبية، والشاهد على أحداث تاريخية هامة منها معركة الجزائر، كما يمثّل أحد المعالم الأثرية الهامة من النّاحية السياحية في العاصمة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.