موازاة مع الحرب على كورونا بسلاح الوقاية والاحتياط، بمشاركة مكوّنات المجتمع، ترتسم في المشهد ومنذ سنوات معركة أخرى مصيرية ضد هجمة سيبرانية تستهدف الأمن المعلوماتي باعتباره أحد ركائز الأمن الشامل في مواجهة قوى تقليدية وأخرى ذات نزعة للهيمنة تنزعج من بلدان ناشئة تريد أن يكون لها موقع تحت الشمس.
من حيث المبدأ، لا خيار أمام ضرورة الانفتاح على العالم من بوابة الرقمنة بأدواتها التكنولوجية الشرسة، لكن بالمقابل ومن حيث إدراك درجة الخطر الداهم لا تهاون في التعاطي بسذاجة مع الفضاء الأزرق، تفاديا لأي طارئ تكون عواقبه وخيمة على أمن مقدرات البلاد واستقرارها، في وقت يمر فيه العالم بموجه تقلبات لا تعطي أدنى فرصة للبلدان المتأخرة أو المترددة، ومن ثمة كان الحذر والحيطة محفزا لليقظة.
العالم يتجّه بخطى متسارعة إلى الاندماج في كوكب رقمي، وقد سارعت بلدان لها نفوذ تكنولوجي في امتلاك الذكاء الاصطناعي، القلب النابض لمجتمع المعلومات لكونه مصدر القيمة المضافة، منبعها العلم والبحث والرغبة في التفوق. وهنا تبرز مكانة الجامعات حاضنة الابتكار ومنجم المادة الخام من حيث القدرة على مواكبة مسار التحول العالمي وتقديم الإجابة الشافية لتلبية الطلب خاصة في عالم التكنولوجيات.
من هنا، تكون ضرورة أن يساهم الجميع أفرادا ومؤسسات في تعزيز الأمن المعلوماتي، ذلك أن المشهد الرقمي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وكلما يقف خلفها من مخططات ومشاريع وبرامج يشكل خطرا ينبغي أن يستشعره الكل، من منطلق الغيرة على الوطن والتصميم على التواجد ضمن معادلة العولمة، كطرف فاعل ومؤثر من خلال الحضور في الساحة ليس كمستهلك لما يتدفق من معلومات جاهزة ومفبركة وإنما كمتبصر يجيد انتقاء ما يفيد وترك غيره ممّا يصنف في خانة الجريمة الالكترونية.
ليس أخطر ممّا يندرج في نطاق استهداف معنويات مجتمع بهدف تثبيط عزائم أفرداه ومؤسساته وإحاطتها بحالة من الغموض تؤدي إلى التشويش على عنصر الثقة، الحلقة الجوهرية والمتينة في البنية الأساسية للمجتمع، ما يستدعي ترتيب المتطلبات وتنظيم الأولويات وفرز الأمور ليتبيّن الأفق فتنكشف حينها الألاعيب وتسقط الأقنعة المزيفة، وقد سقطت بالفعل أمام صلابة إرادة وطنية متماسكة تعرف كيف تنهض.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.