مرة أخرى يفرض معسكر «كاتي» ببماكو منطقه وينطلق منه انقلاب عسكري ثان خلال 9 أشهر فقط على ذلك الذي أطاح بالرئيس المالي إبراهيم ابوبكر كايتا في أوت 2020.
في الوقت الذي بدأت فيه السلطة المؤقتة بقيادة الرئيس الانتقالي للبلاد باه نداو في وضع اللمسات الأخيرة وإعلانها عن تشكيلة حكومة مختار وان المعدّلة التي جاءت في خضّم مرحلة انتقالية حذرة وهشّة، قد لا تتحمّل هذا الوضع المستجّد في بلد لم يتعاف بعد من أزمة متعدّدة الأبعاد تعصف به منذ العام 2012، كادت حينها أن تأتي على الدولة ومؤسساتها من القواعد بعد سيطرة تنظيمات إرهابية على شمال البلاد وبداية زحفها نحو العاصمة باماكو، مما اضطر حينها باماكو إلى طلب النجدة من باريس لوقف تقدّم الجماعات الإرهابية ولكن عملية «سيرفال» التي أطلقتها باريس حينها سرعان ما استحالت إلى تواجد عسكري مزمن تحت مسمّى «برخان» والمبرّر محاربة الإرهاب مرة أخرى؟
في خضّم دخول مالي في منطق تصالحي سلمي تدريجي استهل بتوقيع اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر العام 2015، وفي الوقت الذي كان سيحتفل فيه الشعب المالي بالذكرى السادسة لتوقيع هذا الاتفاق ويوم انعقاد الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن والسلم الإفريقي لبحث التطورات في مالي فاجأ عسكريو «كاتي» العالم، مرة أخرى، بانقلاب على الرئيس الانتقالي ووزيره الأول، مختار وان قاده نائب الرئيس، العقيد، أسيمي غويتا الذي أعلن عن عزل الرئيس باه نداو ووزيره الأول من منصبيهما واقتيادهما إلى معسكر «كاتي» بدعوى خرقهما للميثاق الانتقالي في سيناريو يعود بنا إلى ما حصل مع الرئيس كايتا قبل 9 أشهر فقط؟
الأكيد أن مالي ليس بحاجة إلى الانقلابات العسكرية ودواماتها التي لا تنتهي بقدر حاجته إلى استقرار يعود بالبلاد سريعا إلى المنطق الدستوري وبناء مؤسسات منتخبة يزكيها الشعب المالي وحده وليس مؤسسات انتقال مزمن تستجيب لا تخدم إلا أجندات ضيّقة أنهكت هذا البلد الجار والصديق الذي ظلّت الجزائر وستبقى إلى جانبه مهما كانت المحّن والصعوبات.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.