من مفارقات السياسة الخارجية الأمريكية، التي تصنٌف دولا وحكومات في خانة المروق والتمرٌد أو الخارجة عن القانون لأنٌها فقط لا تتوافق مع توجّهاتها وخياراتها وترفض الخضوع لأجنداتها، تدعم وتساند دون شرط أكبر دولة مارقة وتدافع عنها وعن ممارساتها التي لا يمكن تصنيفها إلاّ في خانة إرهاب دولة؟. فصل آخر من فصول انحياز واشنطن المفضوح للكيان الصهيوني ولسياسات الإبادة والترهيب في حق الشعب الفلسطيني الأعزل تدشنٌه واشنطن بالإعراب عن أسفها للقرار الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، الخميس، بإيفاد لجنة تحقيق إلى فلسطين المحتلة للتقصٌي حول جرائم حرب محتملة ارتكبها الاحتلال الصهيوني في عدوانه الأخير على القدس وغزة، عدوان خلّف استشهاد حوالي 300 شهيد من بينهم 69 طفلا فلسطينيا. ولكن بالرغم من ذلك وبدل أن تنتقد واشنطن إعلان المُحتل عدم التعاون مع لجنة التحقيق بكل عنجهية، سارعت إلى إبداء أسفها لقرار مجلس حقوق الإنسان بل أكثر من ذلك لم تجد بعثتها لدى الأمم أيّ حرج في مطالبة المجلس بإنصاف إجرام الكيان الصهيوني بعدما اتهمه وزيره الأوٌل، بمناهضة الكيان الغاصب لمجرٌد انتقاد أعماله الإجرامية وإيفاد لجنة تقصٌي جرائم حرب ارتكبت؟. واشنطن التي رحبت بوقف إطلاق النار وجدّدت دعوتها إلى السلام بين الطرفين تدرك أنّ السلام الذي تدعو إليه يكون على حساب الشعب الفلسطيني أيّ سلام ينصف الجلاٌد ويدين الضحية، بمعنى آخر وحسب منطق أمريكا فإنٌه على الفلسطينيين السكوت عن قضم الاحتلال للمزيد من أراضيهم وعن سياسات الاستيطان والتهويد، أي بالمختصر على الفلسطينيين الاستسلام لسياسة الأمر الواقع التي يفرضها منطق القٌوة والاحتلال؟. الازدواجية ومنطق السرعتين الذي تتعامل به واشنطن مع الصراع الفلسطيني – الصهيوني ودعمها المخزي لمروق وتمرٌد الكيان المحتل لا يمكنه أبدا أن يخدم السلام ولا الاستقرار في المنطقة لأنه لا يمكن التوصٌل إلى سلام مع استمرار الاحتلال والاستيطان والسكوت عن إبادة شعب بأكمله ؟!
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.