انطلقت حركية الاقتصاد متجاوزة فترة الغلق الحتمية وإجبارية توقف النشاط، وبدأت معها عودة الحياة تدريجيا، لكن بحذر كبير في وقت بات الجميع يتطلع إلى مستوى منخفض من العدوى، في ظل وتيرة تلقيح بطيئة وثقيلة الخطوات يصعب معها التوقع بموعد تقريبي لطي صفحة أزمة الوباء وعودة البشر إلى حياتهم السابقة بكل تفاصيلها من تنقل وسفر وعمل مباشر ووتيرة أداء ونمو سريعة تعوض الخسائر والركود، والمتّفق عليه أن بداية تجاوز الوباء لن تتحقق إلا بعد بلوغ مستوى مناعة القطيع أو النجاح في تحصين أكبر نسبة من سكان العالم.
هل صحيح أنّ الأوبئة تتلاشى ولا تختفي؟ وهل صحيح أن كورونا وباء متوحّش يصعب انقراضه؟ أسئلة تتكرّر باستمرار غير أنّه بالعودة إلى السياق التاريخي نجد أنّ نهاية الأوبئة تحقّقت إمّا بعوامل طبيعية أو طبية أو بعد نسيانها، في حين الأوبئة والأمراض الأشد فتكا، لم يتم التغلب عليها إلا بلقاح، وبالتالي نهايته جاءت طبية، لذا الانتصار على الوباء مازال مبكّرا ومعقّدا، ومسار القضاء عليه ليس سهلا، ولا يخفى أنّه لم تنجح التوقعات بأن يتمكن الطقس وحرارة فصل الصيف في إخماد الفيروس، وحتى نظرية مناعة القطيع التي تتجسّد بإصابة أكبر عدد من البشر لم تثبت نجاعتها.
من أسوأ السيناريوهات أنّ اللقاحات تفشل في إجهاض سرعة العدوى، ولا تتمكّن من كبح ارتفاع عدد الإصابات، حتى وإن تراجعت مخاطره وتمّ تضيق دائرة انتشاره، وقد يتحوّل تماما مثل الأنفلونزا الموسمية، في ظل بداية العودة إلى الحياة الطبيعية هناك من الأشد تفاؤلا يراها خلال فصل الصيف الوشيك، بينما آخرون يعتقدون أنّ التّغلّب على الوباء سيكون في الخريف المقبل، في حين المتشائمون متخوّفون من أن يتفاجأ العالم بموجات لم تكن في الحسبان مع حلول فصل الشتاء المقبل، وبالتالي يترقّبون نهاية مفتوحة وبعيدة للوباء.
تبقى تقديرات الخبراء تقريبية، ولا يمكن التعويل عليها كثيرا، لأنه لا يمكن مع الفيروس وضع أي احتمالات تقارب الصواب، في وقت بات يشترط أن تصل نسبة التطعيم العالمية حدود 70 بالمائة من سكان العالم للحديث عن اقتراب التغلب على الوباء، ومع ذلك لا ترقى برامج التلقيح إلى الآمال القائمة، ففي أوروبا التي سخّرت مخابرها لإنتاج عديد اللقاحات مازالت وتيرة التطعيم غير مرضية، والبلدان الفقيرة خاصة في القارة السمراء يستحيل أن يصلها اللقاح، ولن يتم تمديدها بالحلول الطبية قبل عام 2021.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.