نشاطات مكثفة للدبلوماسية الليبية على المستويين السياسي والاقتصادي في الجزائر وتونس، في مؤشر لعودة هذا البلد إلى الحضن المغاربي.
بالتزامن مع زيارة رسمية قام بها رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة إلى الجزائر، أجرى رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي زيارة رسمية إلى تونس استمرت ثلاثة أيام.
في الجزائر، جدد وزير الخارجية، صبري بوقدوم موقف الجزائر الداعم للسلطات الليبية، ممثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، لإعادة الاستقرار السياسي والأمني وتحقيق المصالحة وتوحيد مؤسسات الدولة.
وتحدث بوقدوم عن الدور الجزائري في الملف الليبي، وقال “إن الجزائر دعمت كافة المبادرات الدولية الجادة والمخلصة، الرامية لوقف الفتنة في ليبيا، بما في ذلك مسار برلين وتوقيع اتفاق سياسي ليبي تحت رعاية أممية..”
جاء تصريج رئيس الدبلوماسية الجزائرية في كلمته الافتتاحية أمام المنتدى الاقتصادي الجزائري المنعقد في فندق الأوراسي بالعاصمة على مدى ثلاثة أيام، وهو المنتدى الذي خصص لبحث آفاق تعزيز الشراكة الاقتصادية بين الجزائر وليبيا.
وبحسب تصريح ولوزير التجارة الجزائري، كمال رزيق، على هامش المنتدى الاقتصادي الجزائري الليبي، فإن حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وليبيا، بلغ 59 مليون دولار أمريكي عام 2020. وكان حجم التبادل يقدر بنحو 31 مليون دولار عام 2018.
وفي تونس، شدد الرئيس قيس سعيد خلال استقباله رئيس المجلس الرئاسي الليبي على موقف بلاده الداعم لإعادة بناء المؤسسات الليبية وتأمين المرحلة الانتقالية، “حتى يعبر الليبي وحده عن إرادته ويختار من يريد دون وصاية من أي أحد.”
وتبادل المسؤولون في تونس وليبيا الزيارات في االفترة الأخيرة، في محاولة من الطرفين لتعزيز وتنشيط العلاقات السياسية والاقتصادية، بعد الجمود الذي أصاب هذه العلاقات بسبب الوضع الداخلي في ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011.
رئيس الجمهورية #قيس_سعيد يؤكد خلال محادثات مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي على ضرورة تطوير علاقات التعاون والتبادل وتفعيل آليات العمل المغاربي المشترك إلى جانب تعزيز التنسيق الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية. #TnPR pic.twitter.com/hzPa1dFswO
— Tunisian Presidency – الرئاسة التونسية (@TnPresidency) May 29, 2021
وزار رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي طرابلس يومي 22 و23 ماي الجاري، وهناك شدد على رغبة بلاده في تحفيز التعاون الاقتصادي مع الدولة الجارة.
“دبلوماسية اقتصادية”
وفي تعليقه على زيارات المسؤولين الليبيين إلى الجزائر وتونس، يربط أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، سفيان صخري، ما يحدث بعودة الملف الليبي إلى المنطقة المغاربية.
ويتحدث الأستاذ الجامعي في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين” عن ما أسماها الدبلوماسية الاقتصادية التي تنتهجها بلادنا من أجل العودة للملف الليبي، ويقول إن الجزائر حققت “انجازا دبلوماسيا” من خلال استقبالها لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية واحتضانها للمنتدى الاقتصادي الليبي.
ويرى أن الجزائر تأخرت في التعاطي مع الملف الليبي، لكنها ترجع اليوم بطريقة ذكية، ويشير إلى أن قوى خارجية ودولية سيطرت على هذا الملف واستثمرت فيه، وهي تسعى حاليا لأن تكون طرفا في إعادة إعماره بعد عودة الاستقرار.
ويعتقد أن من مصلحة الجزائر أن يعتمد الليبيون استراتيجية تفاوضية من أجل بناء دولة ليبية حديثة بمؤسسات قوية.
ويؤكد محدثنا أن تعزيز العلاقات بين الجزائر وتونس وليبيا يعود بمنافع اقتصادية وأمنية على هذه البلدان، وأن هذا التعاون من شأنه تحقيق عملية تكاملية وتجسيد مشروع تكاملي في منطقة المغرب العربي.
وعن منافع تونس من تعزيز العلاقات مع ليبيا، يقول الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، راضي المؤدب، إن بإمكان تونس أن تكون ضمن كوكبة البلدان القادرة على المساهمة في إعادة إعمار ليبيا.
ويدعو الخبير في حوار مع صحيفة “الصباح” التونسية نشرته في 26 ماي الجاري، إلى ضرورة أن تربط بلاده علاقات مباشرة مع الحكومة الليبية، ومع القوى الإقليمية والبلدان المتسابقة اليوم على الفوز بعقود إعادة الإعمار.