يقوم النظام المصري منذ فترة بخطوات غير مسبوقة باتجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وقطاع غزة الذي تديره، منهيا بذلك سنوات القطيعة والعداء بين الطرفين.
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أفريل الماضي، أبدى النظام المصري مواقف داعمة للمقاومة الفلسطينية، وأرسل إشارات واضحة لحركة حماس التي تسيطر على غزة منذ 2007 .
وقام نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بمبادرات إنسانية مثل تسهيل دخول المرضى للعلاج عبر معبر رفح، والإعلان عن تخصيص مساعدات بقيمة 500 مليون دولار، لإعادة إعمار القطاع الذي دمرت بنيته التحتية بفعل عدوان إسرائيل.
وسيط وترحيب
ألقت مصر بكل ثقلها لإيقاف الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، ولعبت دور الوسيط بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
ونجحت بمساعدة وسطاء آخرين مثل الولايات المتحدة الأمريكية وقطر وتركيا، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في 21 ماي 2021 .
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار، واصلت الدبلوماسية المصرية تحركاتها، وأوكلت مهمة تثبيت التهدئة إلى رئيس المخابرات، عباس كامل، وبحث ملفات أخرى مثل ملف تبادل الأسرى بين المقاومة وتل أبيب.
زار رئيس المخابرات المصرية قطاع غزة لأول مرة منذ سنوات، والتقى بقادة حماس وعلى رأسهم يحيى السنوار، رئيس الحركة في القطاع الفلسطيني.
حركة حماس من جهتها، رحبت بالإشارات المصرية، وشدد قادتها في تصريحاتهم على أهمية الدور المصري.
ونقل عن رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية قوله في تصريح “نشكر مصر التي واكبت المعركة يوما بيوم ومارست دورها من أجل كبح الهجوم الإسرائيلي..”
وصرح السنوار خلال لقاء جمعه بالصحفيين بأن حماس استجابت لطلب مصري بوقف إطلاق النار خلال العدوان الأخير، بينما كانت الحركة تتجهز لإطلاق رشقات باتجاه إسرائيل..
كما نقلت وسائل إعلام صور الرئيس عبد الفتاح السيسي معلقة في شوارع غزة، في مشهد لم يكن ممكنا خلال السنوات الفارطة.
وكانت حركة حماس حظيت بمكانة خاصة لدى النظام المصري في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، لكن علاقاتها مع نظام عبد الفتاح السيسي توترت منذ وصوله إلى السلطة في انقلاب 2013 ضد مرسي.
وعامل نظام السيسي حينها حركة حماس بعدائية شديدة، وفتح الإعلام المصري العام والخاص النار على الحركة وقادتها، واتهمت بالتواطؤ مع جماعة الإخوان المسلمين التي يعتبرها النظام المصري منظمة إرهابية.
على مصر، أن نجحت الجهود الحالية في وقف إطلاق النار، أن تنسق مع الدول العربية ودول أخرى للضغط بكل قوة كي لا يتحول وقف إطلاق النار إلى هدنة تمهد لحرب جديدة وإنما إلى بداية لعملية سياسية بمرجعية جديدة تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة خلال فترة زمنية قصيرة
— Hassan Nafaa (@hassanafaa) May 20, 2021
مصالح وحسابات
يرى مراقبون أن تغير الرؤية المصرية في تعاملها مع قطاع غزة وحركة حماس، يرتبط بتغير المصالح وتغير الحسابات الاستراتيجية.
ويرجح محللون أن مصر التي تواجه متغيرات إقليمية ودولية، أثرت على دورها ونفوذها في المنطقة، تسعى إلى استعادة هذا النفوذ من خلال تكثيف نشاطها الدبلوماسي وجهودها من أجل المساعدة في تثبيت التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والعمل على إحياء عملية السلام بين الطرفين.
ويدرك المصريون أيضا أن قطاع غزة هو عمقهم الاستراتيجي، وأن أي تطورات بشأنه تعنيهم هم قبل أي طرف آخر.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي في وقت سابق لصحيفة “القدس العربي” إن التحرك المصري مدفوع بأهداف مصرية وأخرى إقليمية وتحفيز دولي.”
أما حركة حماس التي ارتمت في الحضن القطري والتركي الإيراني، فتجد نفسها مضطرة للعودة للحضن المصري، أولا بحكم الجغرافيا، وثانيا لأن القاهرة هي القوة القادرة دوما على لعب دور الوساطة بين الفلسطينيين أنفسهم وفي صراعهم مع إسرائيل.