في حياة الأمم محطات ومواعيد مع التاريخ لا تقبل التردد والانتظار، ولا تحتمل الفرقة والتشتت، ومن ثمة تكون العزيمة والإصرار على التحدي الخيار الوحيد لتجاوز عقبات وإحباط مخططات تستهدف النيل من سيادتها أو إشغالها بهوامش على حساب قضايا مصيرية.
واجهت الجزائر صدمات في الماضي زاد من حدتها خيانة البعض وتخاذل البعض الآخر، قبل أن تخرج من عنق الزجاجة من خلال حراك أنهى مغامرة تمديد نظام سياسي مفلس وقع في قبضة عصابة، أمسكت إلى حين مؤسسات وكادت أن تختطفها، قبل أن تُستعاد بفضل مواقف مخلصين أدركوا حجم الخطر وتداعياته على الدولة الوطنية.
المثير للاستغراب، أنه خلال الحملة الانتخابية نعقت أصوات دعت إلى مقاربة غير سوية ترتكز في نظرتهم الضيقة على ما أسموه تسوية ودية لقضايا الفساد، على اعتبار بقاء المتورطين فيها داخل السجن لن يعيد الأموال المنهوبة، وهو مبرّر أبشع من الذنب نفسه.
كان حريّ بهم أن يحترموا المواطن المغلوب على أمره ضحية تلك الممارسات من إقصاء للكفاءات وتهميش للمبادرات وغلق لمنافذ أمام كل طموح، ما أدى إلى انفجار أسقط قلعتهم المغشوشة، لتبرز الجزائر الحقيقية بمواطنيها المؤمنين بالعمل والكسب من عرق الجبين ونبذ التمييز والتفرقة والوساطة للحصول على عمل أو سكن أو حق شرعي يكفله الدستور.
لا ينبغي السقوط في الرضا التام على الذات والقول إن العاصفة مرّت والطريق مفروش بالورود، إنما التحديات التي تلوح في الأفق عظيمة وتحتاج إلى إرادة فولاذية لكسر الأقفال وفتح البواب الموصدة من أذناب العصابة، حيث لا يخفى أن هناك «مقاومة» على مختلف المستويات للتغيير المنشود في محاولة لإعاقة المسار عبر افتعال ممارسات بيروقراطية ما تزال تعشش في أكثر من موقع، على غرار الجماعات المحلية حيث المواجهة بين الأمر الواقع وتطلعات المواطن.
بطبيعة الحال، خير علاج لكل هذه الأمراض إضفاء الشفافية على المشهد وإنهاء كل وصاية وهمية على إرادة المواطن لأخذ زمام أموره بنفسه ضمن القواعد التي تحكم الممارسة الديمقراطية وتضمن حرية التعبير.
مسألة جوهرية في مواجهة التحديات مهما عظمت عن طريق تعزيز أواصر الوحدة، مصدر القوة في زمن الأزمات لتجاوزها بما يحفظ حقوق الأجيال وأمنها تجاه عولمة شرسة تنتهز أي فجوة لاستهدافها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.