منذ دخول عصر التكنولوجيا عالم البشر، تغيرت معها نماذج الحياة وطرقها ومعايير الثراء ومجالاته، فلم يعد التجار أو أصحاب المصانع الكبرى، هم سادة هرم المال في العالم.
لقد جاءت مرحلة أخرى، أصبح فيها الأمريكي «جيف بيزوس» صاحب شركة «أمازون» الرقمية للمبيعات، الرجل الأغنى في العالم بــ185.8 مليار دولار أمريكي، يليه مواطنه «إيلون ماسك» صاحب شركات تكنولوجيا وميكانيكا الكهرباء، وعلى رأسها «تيسلا» للسيارات الكهربائية، بثروة بلغت 152 مليار دولار أمريكي.
وسط هؤلاء حل ثالثا في ترتيب أغنى أغنياء العالم، الفرنسي برنارد أرنو، صاحب شركة لويس فيتون التي لديها 70 ماركة للسلع الفاخرة بــ150 مليار دولار، لتحاصرها شركات التكنولوجيا، للأمريكيين بيل غيتس «ميكروسوفت» بـ124 مليار دولار ومارك زوكربيرج «فيسبوك» وملحقاتها بــ97 مليار دولار أمريكي.
لقد ظهر الاقتصاد الرقمي نتيجة الارتباط بين البيئة الرقمية وأدواتها والاقتصاد، مما أنتج أدوات تزاوج بين الفكر الاقتصادي، الحداثة والإنترنت التي تعتبر العمود الفقري للرقمنة، فما يطلق عليه الاقتصاد الرقمي هو في حقيقة الأمر اقتصاد الانترنت، وقد تطور الأمر إلى ابتكار التجارة الإلكترونية، التي تعتبر الشكل الأحدث والعصري لأنماط التبادل التجاري بين الأفراد والشركات، وأسست جراء ذلك شركات كبرى نجحت في بسط نفوذها على التبادلات التجارية في العالم، مثل أمازون وعلي بابا.
ما يميز الاقتصاد الرقمي، أنه ليس استثمارا فائق التمويل أو هيكلا واسع المساحة ضخم البناء، بل كان عادة فكرة ضخمة في فعاليتها وجدواها، مثلما حصل مع فيسبوك صاحب الوسائط الأكثر شعبية في العالم، والذي لا ينتج أي محتوى، فضلا عن أن أكبر شركة مواصلات في العالم «أوبر»، لا تملك أي سيارات أجرة، كما أن شركة «أربي أنبي» للكراء والإسكان، لاتملك أي عقارات.
إن الجزائر وأمام الإصلاحات الاقتصادية الجارية، تقف أمام خيار حتمي بضرورة مواكبة التحولات الرقمية وإدماجها بشكل حثيث عمليا، سواءً في الدوائر الحكومية التي بدأت تتجه لذلك بشكل أو بآخر، إضافة للقطاع الخاص الذي أدرك أهمية التحولات العالمية الرقمية، وهو يعمل بشكل منفتح ومتسارع لبعث منهجية عمل أكثر سرعة وتواءما مع متطلبات المجتمع الجزائري.
الأهم من كل هذا، هو ضرورة العمل على تحسين مناخ الرقمنة، من خلال تحسين شبكة الأنترنت، وتعزيز نظام الدفع، وتأمين قواعد الربط والتنسيق لتحقيق الفعالية المنشودة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.