لا يمكن لمنطقة السّاحل التي تحتل مساحة مهمة واستراتيجية من القارة السّمراء، حيث تسيطر على أهم طرقها التجارية، أن تستعيد أمنها واستقرارها وتتفرّغ بلدانها للتنمية، قبل إسكات صوت العنف وتجفيف منابع الإرهاب المستشري، الذي يعود في كل مرة من جديد ولكن بوحشية، ويضاف إلى هذه المخاطر الجدية، تهديدات أطماع عالمية التي تتنافس متخفية تحت عديد من الأقنعة والذرائع لتبسط اليد والنفوذ على موارد اقتصادية خام، وفوق ذلك تنظر للقارة ولهذه الدول على أنها مغارة للثروة ومصدرا للغنى والرفاه.
زحف التهديدات الإرهابية نحو منطقة تقع بين الحافة الجنوبية للصحراء الكبرى والحافة الشمالية للغابات الإفريقية، ومن المحيط الأطلسي غربا نحو البحر الأحمر شرقا بمساحة لا تقل عن من 3 ملايين كلم2، لا يمكن الاستهانة بها، فلو استمرت تغذية الإرهاب بأيادي خارجية خبيثة حفاظا على مصالحها الضيقة، ويتواصل السكوت عن تواجد نشاط الجماعات الإجرامية بهذه الدول النامية، فإن بؤرة كبيرة للإرهاب ستتشكل وتتحول إلى بركان من النيران، ويمكن لخطرها أن يتنقل إلى مناطق عديدة من العالم، وبالتالي نشر الخطر في كل مكان، في وقت يتردّد أنه ينتشر بمنطقة الساحل وحدها ما لا يقل عن 50 مليون قطعة سلاح.
لا يمكن قطع دابر الإرهاب من دون معالجة عميقة ودقيقة للظاهرة من جميع النواحي، فلا ينبغي أن تقتصر على الجانب العسكري وحده، على خلفية أنّ غياب التنمية سيجهض أي مخطّط فعلي لتوقيف آلة الموت والدمار والتخلف عن الحركة والتمدد، ولأنّ التنمية وحدها يمكنها أن تطفئ جمرة السخط التي يولدها التهميش والفقر والأوبئة والمجاعات ونقص التغذية والأمية.
قوّة المنظومة السياسية عامل جوهري في استعادة الأمن، بينما نهج الحوار بين جميع مكونات الشعب لديه أثر عميق في فتح أبواب المشاركة السياسية للجميع بعيدا عن التهميش والإقصاء، ومن شأن هذا المسار أن يساهم في تشكيل بنية الدولة المتماسكة والقوية التي يمكنها أن تقف بحزم وفعالية للجماعات الإرهابية، وتضع حدّا نهائيا لتواجدها، لذا يمكن للاتحاد الإفريقي أن يتحرك في هذا الاتجاه، ويكثّف من تنسيقه ونشاطه على جميع الأصعدة مع الدول التي تواجه هذا التحدي الجدي الذي يمكن للشعوب الإفريقية من مواجهته بوعي وذكاء، ووفق خطط مدروسة تجهض الأطماع وتقضي على دائرة الموت التي في كل مرة تقوم بحفرها الجماعات الإرهابية ومن يقف وراءها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.