يلاحظ المدخّنون (عافانا الله وإيّاكم) أنّ أسعار التّبغ تعرف، بين حين وآخر، ارتفاعات غير مبرّرة، كما يحدث هذه الأيّام ببعض المناطق بالعاصمة، إذ يكفي البائع أن يصرّح شفاهيّا بالسّعر الجديد، ليصبح أمرا مقضيّا، غير أنّ البائع ينبغي أن يزيّن تصريحه – في كلّ مرّة – بعبارة نمطيّة تقول: (راك تعرف، راهم زادولو..)..
وقد يرى بعضهم أنّ رفع أسعار التبغ لا يهمّ كثيرا، فـ «التبغ» مهلك للأبدان، مدمّر للأسنان، حارق للّسان، وينبغي التّخلص منه، وعلى هذا، يجب رفع أسعاره قدر المستطاع، حتى يقلع النّاس عن هذه العادة المشينة.
وقد يكون هذا الموقف حكيما رزينا من منظور صحّي، ولكنّه – في حقيقته – غير منسجم مع الواقع ولا يعبّر عنه مطلقا، فالثّابت هو أنّ أسعار التبغ ظلّت ترتفع، دون أن تحقّق شيئا مع (المدخّنين)، وهذا – في كل حال – لا يهمّنا فيما نرمي إليه، فالمسألة، كما نراها، متعلّقة بسوق التّبغ نفسها، وهذه تروّج لنوعين اثنين: أوّلهما منتجات الشّركة الوطنية للتبغ والكبريت، وهذه سوقها راكدة، ولكنّ منتجاتها جميعها مؤشّرة بطابع الضّريبة، في مقابل منتجات فارهة (على قدر الحال) تكتسح السّوق، وتوزّع بقوّة مائتين وأربعين حصانا، ولكن منتجاتها لا تحمل أي تأشيرة عن ضريبة دفعتها، بل إنّ توزيعها لا يخضع لأيّة فوترة (وفق الباعة)..وهنا – بالضّبط – عقدة التّبغ التي تحتاج إلى منشار قاطع..
لنفرض أنّ (ماركة) معيّنة، توزّع مليون علبة يوميّا، وتدفع دينارا واحدا ضريبة عن كل علبة، ألا تحقّق الخزينة مليار سنتيم في عشرة أيام؟! ماذا لو حسبناها بدينار واحد فقط على مدار العام، ألا تكون الخزينة قد وفّرت ما يكفي لبناء المدارس والمستوصفات وتعبيد الطّرقات؟! وماذا لو كانت الضّريبة عشرين دينارا أو تفوق العشرين بحكم سعر البيع؟!..يبدو أنّ الأرقام التي تضيع على الخزينة ستكون مذهلة، بينما يتواصل التّدخين، ويتواصل ارتفاع أسعار علب التّدخين دون حسيب ولا رقيب، ونواصل الحديث عن أضرار التّدخين..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.