دعا النّاقد الأديب سعيد بوطاجين، إلى العمل على الدّفع بنخبة الباحثين والأكاديميين إلى الواجهة، كمثل ما يفعل الناس – في بقية العالم – مع نخبهم، فيبشّرون بهم، ويثمّنون جهودهم، ويجعلون منهم أعلاما، يكونون ذخرا لأممهم، ومنارات لشعوبهم، ويضيفون الأفضل إلى التّاريخ.
والحق أن سعيد بوطاجين، وهو من هو في عالم الأدب والنّقد، لم يحظَ – هو نفسه – بحقّه في الاعتراف، ولم تختلف الحال مع جميع المبدعين والباحثين والعلماء الكبار الذين بذلوا حبّات قلوبهم للأمّة، دون أن يسمعوا كلمة تقدير، ولا عبارة عرفان، ولكنّهم ظلوا على عهدهم يضيفون كل جديد مفيد.
ولعل يكون واضحا، أنّ الدّعوة تتوجّه إلى الحرص على “صناعة النّخب”، وهذا أمر يشتغل عليه الناس بحزم في كلّ أقطار الدّنيا، بينما نضرب عليه صفحا، ولا نعيره اهتماما، لأسباب مختلفة، لعل أهمّها – كما ألمح بوطاجين- ذلك الإحساس الرهيب بـ«النّقص” الذي يتجلّى في “الحسد” و«البغض” وبعض الأمراض النفسيّة المزمنة التي توطّنت في قلوب المتسلّلين إلى مواقع لا يقدرون عليها، والمتشبثين بمناصب لا حقّ لهم فيها، فلا يجدون ما يسوّغ وجودهم سوى “التنكّر” لكل الجهود النبيلة، و«تحقير” كل الأعمال الراقيّة..
وما هو “البؤس” إن لم يكن هذا الذي وصفنا؟! وكيف يمكن أن نعلّق أملا في نهضة ممكنة مع هذا الوضع البائس؟! وهل يمكن أن نحتفظ بشيء من معنى “الإنسان” حين ينحدر المستوى إلى درجة “الحسد” و«البغض”؟!
ليس فيما قدّمنا أي تشاؤم ممكن، فالثابت أن (ما ينفع الناس يمكث في الأرض)، وأن الأوهام لا مكان لها في الحياة، والشّموس لا تخفيها الغرابيل، فليبذل المتسلّلون “جهودهم” في التّعتيم على الرّائعين من أبناء الوطن، وليقاوموا الأنوار ما استطاعوا، فإن “جهودهم” ستذهب جفاء، ولكن، هذا لا يعني القبول بـ«المتسلّلين”، فـ«القوس” ينبغي أن تكون بين يدي “باريها”، والحديث قياس..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.