كشفت نتائج سبر آراء قامت به منظمة» فريديك إبرت» الألمانية أن 66.1 بالمائة من الماليين لم يكونوا على علم باتفاق» السلم والمصالحة «الموقع في الجزائر عام 2015، وعبّر 15.7 بالمائة من الماليين أنهم على معرفة ضعيفة بالاتفاق، في حين عبر 1.5 بالمائة فقط عن معرفتهم الكبيرة باتفاق السلام وهم سكان منطقة الشمال من مدن كيدال وغاو المعنية بالدرجة الأولى بالمشروع التاريخي.
وظهرت النتائج التي تبعث على الاستغراب، في العدد الثاني من التحقيق ضمن فئة «التحقيقات السياسية» الذي تقوم به المنظمة التي تتميز باستقلاليتها العلمية وبعدها عن الأطراف المؤثرة في مالي، وفي مقدمتها الدولة الاستعمارية السابقة فرنسا، وبيّنت النتائج أن فئة الذكور كانت أكثر دراية باتفاق المصالحة مقارنة بالنساء.
لكن الوقوف عند النسب والإحصائيات التفصيلية لحيثيات نتائج سبر الآراء جاءت في وقت حسّاس تمرّ به مالي تزامنا مع المرحلة الانتقالية، ومع استمرار تداعيات الانقلاب الثاني ومدى أهمية اتفاق المصالحة في نجاح هذه المرحلة باعتباره ركيزة أساسية تضمن انتقالا سلسا من الحكم العسكري إلى المدني في غضون تسعة أشهر تنظم خلالها انتخابات رئاسية.
وتفتح النتائج تساؤلات عديدة، لخطورتها وفي مقدمتها، من كان يقف وراء التعتيم للتعريف باتفاق السلام؟ بما أن أغلبية الشعب المالي لم تكن على دراية به، والذي بذلت الجزائر مجهودات جبارة لتنفيذه منذ ست سنوات، وإنقاذ الدولة الجارة من شبح الانقسام بين شمال وجنوب جراء صراع امتد لعقود غذته أطراف دولية ذات أطماع استعمارية.
وتمكّنت الدبلوماسية الجزائرية آنذاك من إقناع الفرقاء بضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار ضمن جولات قياسية من المفاوضات توّجت في النهاية باتفاق مصالحة تاريخي باركته الأمم المتحدة وأصبح مرجعا في تسوية النزاعات، ويعدّ اليوم أكثر من أي وقت مضى صمام أمان لدولة مالي لتمسّك المجتمع الدولي ببنوده حاليا في خضمّ الأزمة الأمنية والسياسية الراهنة.