فتحت الملاعب الأوروبية أبوابها للجماهير، بعد عام أو يزيد من المباريات الصامتة التي فرضتها جائحة كورونا. ولقد وضعت «اليويفا» عددا من الشروط «شدّدت» على ضرورة احترامها، تجنبا لانتشار الفيروس، وهذه شروط متعارف عليها، ولم تخرج عن «إلزامية القناع»، و»الحفاظ على المسافة»، و»استعمال المقاعد المخصصة»، إضافة إلى توفير «المعقمات» في جميع الأنحاء، وتجنّب المصافحة والعناق وهلمّ جرا..
ولقد لاحظنا، في أثناء متابعتنا لأطوار البطولة، أنّ الجماهير التزمت بشروط «اليويفا» عند مداخل الملاعب، غير أن الحال لم تكن نفسها بالمدرّجات، فالأنفاس التي تضيق بالأداء تقتلع الأقنعة، واللحظات المشوّقة تضيّق المسافة المفروضة، بينما تضرب الأهداف الجميلة بالشروط جميعها عرض الحائط، لتزهر الفرحة بالعناق، ويختلط الحابل بالنّابل، حتى كأنّ كورونا لم تكن شيئا مذكورا..
هذه صورة مبسّطة عن الملاعب بأوروبا، لم تسترع انتباه «الفاهمين» الذين ظلوا عاكفين على خطاب يذهب إلى أن الجزائري لا يحترم شروط الصحة مثل (الناس الملاح) في أوروبا، ولا يلتزم بالقوانين، مثل (المتقدّمين) في الغرب، ولم يكتف «الفاهمون» بهذا، وإنّما ذهبوا بعيدا في إلصاق كل مشينة بالجزائري..
وواضح أن «الفاهمين عندنا، يختصّون أوروبا بـ(عين الرضى) العمياء عن كلّ عيب، في مقابل (عين السخط) التي لا ترى في الوجود شيئا جميلا، وجليّ أن هذا الكيل بالمكيالين في الأحكام، ليس له دوافع حضارية، ولا رؤى تقدميّة، ولا حتى (حشيش المقطّفة)، وإنما هو منتج حصريّ لعدد من عقد النّقص المتراكمة في نفوس لا ترى جميلا إلا فيما تقول به أو تفعله أوروبا، ولكن واقع الحال، عادته أنه يصدم بحقائقه ووقائعه..
لسنا أفضل من الناس، ولسنا أقلّ منهم، ويكفينا، في بلدنا، أنّنا نعرف كيف نسطر للأمجاد خطوطها النورانية في الملمّات، وأنّنا، مهما كانت الحال، نحتفظ في قلوبنا بمعنى الإنسان.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.