ذاع في الأيام الأخيرة، أن شركة «غوغل» تعتزم إطلاق خدمة جديدة على متصفّحها، تمكّن روّاد النّت من تمييز الأخبار الكاذبة، والصّور والفيديوهات المفبركة. ولقد أعلن عملاق النّت، أن «صيد الأكاذيب» سيبدأ من منصّة «الصّور» التي سترفق كل بحث مفترض عن صورة معيّنة، بأخبارها الكاملة التي تمكّن الباحث من التقييم، وتجنّب الوقوع في أحابيل الكذب.
ولا ندّعي أنّنا نحيط علما بطبيعة الخوارزميّة التي سيعتمدها «غوغل»، فهذه لا يمكن أن تدخل دائرة اهتمامنا، ولا سبيل إليها، ما دمنا متلقّين بالضّرورة، ولا نسهم بشيء يذكر في العمليّة برمّتها. غير أن فكرة «صيد الأكاذيب» مغرية فعلا، وينبغي أن تحظى ببعض الاهتمام، فهي تتحدّث صراحة عن «الجدل» الذي يعتمل في كل الأفكار التي تسيّر يومياتنا، وتصنع الحياة حولنا. ففكرة «أنترنيت» – على سبيل المثال – هي عنوان التّطور والرّقيّ، وهي سمة مستوى حضاري غير مسبوق، من جهة، ولكنها، من جهة أخرى، مساحة تفسح لكثير من أساليب الإجرام غير المسبوقة في التاريخ، وتمنح الموبقات جميعها ما يمكن أن يحوّلها إلى واقع معيش يحظى بالقبول، وهذا يعني أن كلّ فكرة – مهما تكن – يمكن أن توظّف ضمن الصّراع الأزليّ بين «الخير» و»الشّر»، ومن ذلك، أن صور أنترنيت وفيديوهاتها التي ينبغي أن تضيف إلى الصّدق، يمكن أن تصنع الأكاذيب، وتمرر المغالطات، وتصطنع الشبهات..
ونعلم أن الحياة، كما هي في طبيعتها، إنما تتأسّس على الصراع بين «الخير» و»الشّر»، لهذا لا يمكن التفكير في وسيلة تستخلص الحياة للخير وحده، و»أنترنيت» لا تختلف في شيء عن الحياة، لهذا، نكتفي بـ»خوارزمية أخلاقيّة» لا نحيد عنها.. نستخدم أنترنيت، ولا نترك لها مجالا كي تستخدمنا، وعلى رأي جبران، نأخذ الثّمار، ونلقي الحطب للنار..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.