أرقام قد تبدو بسيطة لكنها مشجعة تلك المتعلقة بصادرات الجزائر خارج المحروقات، حيث فاقت قيمتها 1,55 مليار دولار في الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري.
هي في ارتفاع بـ50٪ مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، وفق ما أعلنت منذ أيام وزارة التجارة. ومن المتوقع أن تبلغ قيمة الصادرات أربعة ملايير دولار مع نهاية السنة، الرقم مشجع ويجعلنا نطمح لبلوغ أرقام أفضل وأكبر في قادم السنوات وهو أمر ممكن لو تضافرت الجهود وتوفرت الإرادة السياسية للتخلص تدريجيا من هيمنة الريع النفطي والغازي على الاقتصاد الوطني.
إن الريع في حد ذاته لا يطرح قضية، إذ يعد من الناحية الاقتصادية مكسباً للدول المالكة له، باعتباره سلعة استراتيجية نادرة. لكن الإشكال يبدأ حينما يوظف سياسيا واجتماعيا ويتحول إلى ثقافة مجتمع ومصدر وحيد للدخل.
هناك رقم لطالما تردد في الدراسات الأكاديمية وحتى في بلاطوهات التحليل التلفزي بشأن المحروقات، إذ تشكل 96٪ من مجمل الصادرات الجزائرية إلى الخارج. وَفعلياً هذا الرقم مخيف ويعكس التبعية الكبيرة للاقتصاد الجزائري لهذا القطاع، وفي نفس الوقت يجسد حقيقة اجتماعية أخرى مزعجة، إذ أن 1,6٪ من القوة العاملة في الجزائر والتي تمثل عمال شركة سوناطراك والمقدر عددهم بـ200 ألف عامل تساهم في هذا الدخل (صادرات المحروقات)، في حين باقي القوى العاملة والمقدر عددها بـ12 مليون عامل تساهم بـ4٪ فقط من مجlل الصادرات، في تناقض صارخ يجسد مأزق الدولة الريعية الذي تعيشه الجزائر منذ أكثر من ثلاثة عقود على الأقل. وتصَوَّروا كيف سيكون حالنا في حالة نفاد هذا الريع أو تراجع الطلب عليه لصالح الطاقات المتجددة على المستوى العالمي في المستقبل.
مالك بن نبي يرى أن نهضة الأمم مرتبطة بتوافر ثلاثية بسيطة وهي الإنسان، الوقت والتراب، هذه التوليفة متاحة لكل الدول بالتساوي. والإشكال في جزائر اليوم، كما يبدو، في «الفرد»، لهذا فإصلاحه أولوية الأولويات للمضي قدماً.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.