تداولت مواقع التّواصل الاجتماعي وثيقة تفيد بأنّ واحدة من الجامعات الجزائرية، فرضت على طلبتها الدكاترة، تزيين قوائم المراجع في أطروحاتهم، بأعمال لمؤلفين منتسبين إليها، وذلك من أجل تحسين ترتيبها بين الجامعات، وتحقيق «الاختراق» في المحفل العلمي، وكل شيء جميل، خاصة وأن آلية هذا التّرتيب، لا تعتمد الإضافة التي يقدّمها المنتج العلمي للحياة، وإنما تكرّس وقتها لحساب روابط أنترنيت التي تحيل إلى الاقتباسات والاستشهادات..
ولقد سبق وأشرنا إلى أنّ فكرة «ترتيب الجامعات» اقتصاديّة محضة، وإن كانت تسحب معها بعض الإحالات إلى «السّموّ المعرفي» و»الرّقيّ العلمي» و»المكانة الأكاديميّة»، ولو ألقينا نظرة على مكتبة «هارفارد» الرّقمية مثلا، لوجدناها تروّج لأعمال جزائرية كثيرة تعرضها على طلبتها للإفادة منها في أبحاثهم، دون أن يؤثّر ذلك في شيء على ترتيبها، فهي جامعة تنتج «المعرفة»، ولا تحتاج إلى فرض أعمال المنتسبين إليها في ثبت المراجع، لأنّ هذه الأعمال مفروضة بتحصيل حاصل، بحكم أنّها سبّاقة إلى الجديد، صنّاعةٌ للمفيد، لا تضع نصب أعينها إلا ما يمكث في الأرض..
ولنا أن نتساءل عن طبيعة المنفعة والضّرر اللّذين يمكن أن ينالا جامعة جزائرية من الترتيب تقدّم أو تأخّر، فالجامعة عندنا في الحالين، تستقبل الطلبة وفق توجيه البرنامج المعلوماتي، ولا تختار طلبتها وفق استراتيجية معيّنة تمكّنها من تحقيق برنامج بعينه، أمّا الأساتذة – جزاهم الله خيرا بما يصبرون ويصابرون – فليس ينفعهم ترتيب جامعتهم في شيء، فهم سواءٌ مهما يكن الترتيب عالميا أم عربيا، بل حتى حين يكون «بين الأحياء»..
ونعتقد أن العبرة ليست بـ»التأليف» و»النشر» حين يتعلّق الأمر بـ»الجامعة»، فهناك علماء بيننا، لم ينشروا أعمالا بأسمائهم، ولكن إضافاتهم ولمساتهم تنتشر عبر كل الكتب المنشورة، ولنا أن نتمثّل بفرديناند دوسوسير، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، بمحاضرات لم يفكّر مطلقا في جمعها ونشرها، لأنّه انشغل بـ»المعرفة»، فانتشر عبر كل ما يكتب في العالم.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.