حقّقت الرّياضة الجزائرية مجموعة من الإنجازات منذ الاستقلال ساهمت في رفع الرّاية الوطنية في المحافل الدولية، ورغم أنّ الاهتمام يبقى كبيرا بالرياضة الأولى في الجزائر والعالم كرة القدم، إلاّ أن الرّياضات الأخرى ساهمت أيضا في رفع الرّاية الوطنية في المنافسات والمسابقات الدولية سواء من خلال إنجازات فردية أو بعض الرياضات الجماعية التي استطاعت التألق والبروز على غرار كرة اليد.
نجح مجموعة من الرّياضيّين الجزائريّين في رفع الراية الوطنية خلال المحافل الدولية، حيث صنع الثّنائي بولمرقة ومرسلي في رفع الرّاية الوطنية بعد التّتويج بذهبية الأولمبياد،
وهو الأمر الذي شكّل حدثا مهمّا خاصة أنّه جاء في فترة صعبة مرّت بها الجزائر خلال العشرية السوداء.
إنجازات الرّياضة الجزائرية منذ الاستقلال كانت متنوّعة ومميزة، إلاّ أنّ حدث تتويج مرسلي وبولمرقة كان له الأثر الأكبر بحكم أنّ الفرحة كانت كبيرة بسبب الظّروف الصعبة التي مرّت بها الجزائر في تلك الفترة، حيث كان الشّعب الجزائري يبحث عن أي شيء لرسم البسمة من جديد، وكان مرسلي وبولمرقة سببا رئيسيا في ذلك.
تألّق ألعاب القوى كان بارزا من خلال تتويجات مخلوفي العداء، الذي رفع التحدي وصنع الحدث بعد أن نال عدة ميداليات في المحافل الدولية، وأضحى النّجم الأول في الرياضات الفردية في الجزائر.
أوّل ذهبية
كانت الألعاب الإفريقية بنيروبي التي جرت في 1963 أوّل فرصة لمشاركة الرياضيّين الجزائريين في محفل رياضي كبير بعد الاستقلال، حيث كانت الفرصة مواتية أمام الدراج احمد جليل من أجل منح الجزائر أوّل ميدالية ذهبية بعد الاستقلال، حيث دخل بذلك تاريخ الإنجازات الرياضية الفردية، خاصة أنّ رياضة الدراجات كانت لديها شعبية كبيرة في تلك الفترة.
تتويج أحمد جليل كان الأول، وتبعه فيما بعد إنجاز مهم، وهو تتويج منتخب الكرة الحديدية ببطولة العالم التي جرت صيف 1963 بسويسرا، حيث كان هذا الإنجاز مهمّا ونوعيا في ظل التركيز على كرة القدم، إلاّ أنّ الرّياضات الأخرى استطاعت رفع التحدي في تلك الفترة الحسّاسة من تاريخ الجزائر.
عرفت سنة 1963 إنجازات رياضية أخرى مهمّة، حيث شاركت الجزائر لأوّل مرة في الألعاب الأولمبية التي جرت بطوكيو، ونال محمد لزهاري في رياضة الجمباز ليكون أول جزائري يشارك في الألعاب الأولمبية رغم أنّ مشاركته كانت رمزية حيث نال المركز الـ 49، إلاّ أنّ تواجد الراية الوطنية إلى جانب الرايات الأخرى كان الهدف الأسمى من المشاركة بحكم أنّ الجزائر كانت قد نالت استقلالها.
ألعاب المتوسّط 1975
مرّت الجزائر بعد الاستقلال إلى مرحلة أخرى، وبعد المشاركة في الأحداث الرّياضية الدولية دخلت مرحلة تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى، وكانت البداية بتنظيم الألعاب المتوسطية في 1975، حيث كانت الفرصة مواتية من أجل التّتويج بالميداليات الذّهبية في مختلف الاختصاصات.
تنظيم الألعاب المتوسّطية كان فرصة لدخول مجموعة من الهياكل الرياضية حيّز الخدمة في صورة ملعب 5 جويلية والقاعة البيضاوية، إضافة إلى قاعة حرشة وهياكل أخرى ساهمت في نجاح عملية التنظيم، حيث لم تكن الجزائر تمتلك هياكل من هذا النوع، إلا أن عملية البناء والتّشييد كانت قد انطلقت مباشرة بعد الاستقلال.
حقّقت الجزائر إنجازات مهمة في الألعاب المتوسطية 1975، إلا أن الانجاز الأهم هو التتويج بذهبية كرة القدم، وأهمية الانجاز يتمثل في الفوز على المنتخب الفرنسي في النهائي، وهي المباراة التي نالت أهمية كبيرة لدى الشعب الجزائري بحكم أن المنافس هو منتخب فرنسا المستعمر، والفوز عليه كان أمرا مهمّا.
إنجازات كرة اليد
لم تكن كرة القدم الرياضة الجماعية الوحيدة التي رفعت راية الجزائر في المحافل الدولية، حيث ساهمت كرة اليد أيضا في هذا الأمر من خلال التتويج باللقب القاري في سبع مناسبات سنوات 1981، 1983، 1985، 1987، 1989، 1996 و2014، وهو ما أكّد أنّ رياضة كرة اليد هي ثاني رياضة جماعية من حيث الشّعبية في الجزائر.
تتويج منتخب كرة اليد بالألقاب القارية كان معيارا حقيقيا لتطور هذه الرياضية في الجزائر، حيث اكتسبت شعبية كبيرة تطوّرت خلال فترة الثمانينات التي عرفت سيطرة الجزائر على كؤوس إفريقيا، إلا أن تلك الفترة لم تدم بسبب تراجع النتائج قبل يعود المنتخب للتتويج في سنة 1996.
غاب المنتخب الوطني لكرة اليد عن التتويجات القارية منذ سنة 1996، حيث تراجعت النتائج بشكل كبير إلى غاية 2014، تاريخ العودة من جديد إلى التتويجات بعد الفوز باللقب القاري خلال الطبعة التي نظّمتها الجزائر، وعرفت نجاحا كبيرا في مجال التنظيم الذي كان ناجحا إلى أبعد الحدود.
تألق رّياضات قتالية
ظهرت الرياضات القتالية إلى الواجهة بقوة بداية من فترة التسعينات، حيث كانت الفرصة مواتية أمام الملاكمة، الكاراتي والجيدو من أجل الظهور إلى الواجهة، والتألق في المحافل الدولية التي شاركت فيها ومثلت فيها الجزائر بأفضل طريقة ممكنة، خاصة أن التطور الرياضي مسّ كل القطاعات الرياضية.
الملاكمة الجزائرية تألّقت مباشرة بعد الاستقلال، حيث نال الملاكم الراحل عمر عليان المدعو «قدور» أوّل ميدالية ذهبية للملاكمة الجزائرية بعد الاستقلال خلال مشاركته في الألعاب الإفريقية التي جرت بالعاصمة السنغالية داكار، ووضع اسمه في دائرة ذهبية مع فضل الرياضيين الذي رفعوا التّحدي بعد الاستقلال.
تألّق الملاكمة استمرّ بعد ذلك بعد ظهور جيل جديد بقيادة سلطاني، حيث ساهم رفقة زملائه في تألق الملاكمة الجزائرية خلال الألعاب الاولمبية من خلال الفوز بالميداليات، ورفع الراية الوطنية رغم الظروف الصعبة التي حضّروا فيها لهذه المواعيد الرياضية الكبرى، إلا أنهم كانوا في الموعد.
رياضة الجيدو هي الأخرى تألّقت كثيرا بعد الاستقلال بقيادة سواكري، التي ساهمت في رفع الراية الوطنية، إضافة إلى مصارعين آخرين خلال المنافسات التي شاركوا فيها من خلال الفوز بالمراكز الأولى وتشريف الرياضة الجزائرية، حيث أصبحوا يمثلون قدوة للرياضيين الآخرين.