تروّج صحافة المخزن هذه الأيام لأنبوب الغاز (نيجيريا – المغرب)، والذي يمر عبر العديد من الدول الإفريقية بما فيها الأراضي الصّحراوية المحتلة وصولا إلى أوروبا، وتصوّره على أنّه انتصار دبلوماسي وورقة ضغط على الجزائر أحد أكبر مصدّر الغاز الطبيعي في القارة السمراء لأوروبا، لاسيما وأنّ أحد أنبوبي الغاز الجزائري نحو إسبانيا يمر عبر المغرب.
وتسعى الرباط من خلال هذه الدعاية الضغط على الجزائر لتجديد عقد الأنبوب الذي ينتهي في نوفمبر القادم.
من الناحية العملية يبدو أنّ تجسيد هذا المشروع على أرض الواقع أمر معقّد لعدّة اعتبارات، أولها تكلفة المشروع الباهظة والتي قد تتعدى خمسة مليارات دولار، وتوفير التمويل المطلوب في الظرف الدولي الراهن أمر صعب، خاصة وأن معظم اقتصاديات العالم تأثّرت بسبب تداعيات جائحة كورونا.
كما أنّ مسار الأنبوب محفوف بالمخاطر، ويمر عبر دول إفريقية هشة تعرف العديد من الأزمات الأمنية وحالة من عدم الاستقرار السياسي تزيد هذه الوضعية من تكاليف تأمين الأنبوب.
أضف إلى ذلك مروره عبر الصحراء الغربية المحتلة والمصنفة أمميا على أنها قضية تصفية استعمار، ولا يجوز وفقا لقواعد القانون الدولي استغلال تلك الأراضي في أي مشاريع اقتصادية، وباعتبار الأنبوب موجّه إلى أوروبا فعلى الأرجح فإن محكمة العدل الأوروبية ستتدخل لتحديد مدى شرعية الاستغلال التجاري للأنبوب، كما حدث في مرات سابقة حينما أكّدت أن منطقة الصحراء الغربية لا تخضع للاتفاقيات التجارية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية.
الجدوى الاقتصادية للأنبوب هي الأخرى تبقى محل شك لاسيما وأنّ الأنبوب يمر عبر أراضي 13 دولة، ومعروف أنّ دول العبور تستفيد من نسبة قد تصل إلى 2 ٪ من الكميات المصدرة ممّا يؤثّر على حصة نيجيريا الدولة صاحبة الثروة الغازية.
وبالتالي فأنبوب الغاز الذي تروّج له الصحافة المغربية تواجهه العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والقانونية يصعب تجاوزها، أضف الى ذلك بروز توجّه عالمي للاستثمار في الغاز المسال أو أنابيب الغاز المباشرة لتفادي التوظيف السياسي لها، كما فعلت روسيا مع خط نورث «ستريم 2»، والذي لا يمر عبر أراضي أي دولة عبر بحر البلطيق مباشرة إلى ألمانيا.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.