أثارت حادثة وفاة ستة شباب في حريق نشب في شاحنة لنقل البضائع بحي الدبدابة بمدينة بشار، إستياء واسعا لدى سكان بشار خاصة، وولايات مجاورة لها.
تحركت فعاليات المجتمع المدني ومواطنون من مختلف شرائح المجتمع في عدد من الأحياء، بما فيها حي الدبدابة، عقب الحادثة المأساوية، للمطالبة بإنجاز مصلحة خاصة لعلاج الحروق.
ويطالب منتخبون في مستويات مختلفة، بإنجاز مركز جهوي لعلاج الحروق، على إعتبار أن ولايات الجنوب الغربي لا تتوفر على مركز لعلاج الحروق وماتزال تنقل ضحايا الحرائق إلى مركز وهران.
رسالة إلى الرئيس
باتت الجمعيات في بشار تؤمن بضرورة وجود مركز لعلاج الحروق، حتى لا تتكرر مأساة وفاة ستة شباب متأثرين بحروق خطيرة.
في هذه النقطة يحتجون ويكررون الاحتجاج، ورفعوا شكاوى يطالبون فيها بإنشاء مصلحة لمعالجة الحروق.
يقول مبروك زرواطي، وهو ناشط جمعوي، أن 15 جمعية من بلدية القنادسة راسلت رئيس الجمهورية مؤخرا، بشأن التكفل بضحايا الحروق في ولاية بشار.
جاء في الرسالة: أنه منذ عشرات السنين وفي غياب هذا النوع من المرافق الصحية بالولاية، يتم نقل المصابين إلى المؤسسات الإستشفائية لولاية وهران بسيارات الإسعاف، على مسافة تتجاوز 700 كلم وهذا بعد إستكمال الإجراءات الإدارية التي تستغرق وقتا طويلا، ما يؤثر على المصاب الذي تستدعي حالته التدخل العاجل والفوري، ما يتسبب في تدهور حالته الصحية فيلفظ أنفاسه قبل الانطلاق أو في الطريق..
شكاوى..
يقول نور الدين رحو، رئيس الجمعية الثقافية صحاريان ببشار: في الٱونة الأخيرة وقعت كوارث، ٱخرها حريق راح ضحيته ستة أشخاص يعملون في المركز التجاري. تدخلنا كمجتمع مدني، اتصلنا بالمسؤولين المحليين على مستوى مستشفى 240 سرير ومستشفى محمد بوضياف ببشار.
قدمنا لهم العديد من الشكاوى وكنا رفقة رؤساء الأحياء، لأننا نعرف أن من يتعرض لحروق لابد أن يسافر إلى وهران وهي مسافة طويلة، وهو ما يجعلنا نطالب بإلحاح من المسؤولين المعنيين بالتعجيل في انهاء هذه الأزمة التي يعاني منها ساكنة الولاية.
يتابع نور الدين “حرائق الغابات تنتشر بقوة في فصل الصيف، وعندنا من يسكنون البادية والمناطق الفلاحية معرضون بشكل كبير لخطر الحرائق نتيجة إرتفاع درجة الحرارة، اضافة إلى حرائق المنازل التي تحدث من حين لآخر، ولا يعقل أن ننتظر سيارة إسعاف تأتي من مستشفى 240 سرير لتنقل مصابا إلى مستشفى وهران”..
منتخبون: طالبنا وما نزال نطالب
وقال النائب عن حركة “حمس” برشيد يوسف إن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد وقعت منذ سنة ونصف حادثة مشابهة لها في دائرة إڨلي توفي فيها أربعة أشخاص من عائلة واحدة متأثرين بحروق.
وأضاف المتحدث “تحدثت شفويا مع وزير الصحة الأسبق، خلال مناقشتنا لقانون الصحة في العهدة البرلمانية السابقة، وطرحنا مشكل الحروق، وكان رد الوزير أن هناك في الجزائر ثلاث مراكز، مركز في العاصمة وٱخر في قسنطينة والثالث في وهران.
تحجج حينذاك الوزير بأن عدد حالات الحروق التي تقع في ولايات الجنوب لا تستدعي إنشاء مركز جهوي والاستثمار في هذا الاتجاه، لأن هناك أمراضا أخرى ذات أولوية مثل أمراض السرطان”. وقال إن الميزانية الممنوحة من وزارة الصحة المتعلقة بالتجهيز توجه إلى هذا النوع من الأمراض التي تم تسجيل حالات كثيرة فيها.
وتابع برشيد: مطلبنا يتمثل في الوقت الحالي، في تسهيل مسألة النقل من بشار إلى وهران. تلقيت وعودا بتوفير طائرات هيليكوبتر. وأضاف: أنا كنائب في العهدة السابقة والحالية ما زلت أطالب بإنشاء مركز حروق أو إنشاء معهد حروق إستئنافي.
وحول المستشفى الجامعي -يقول المتحدث- بأنه قد تم رفع التجميد عن كلية الطب، حيث تمت برمجة مشروع إنجاز الكلية، بعد إنتهاء دراسته وتحديد الأرضية، مشيرا إلى أن الكلية تحتوي على 200 سرير، وأنه سيتخرج خلال هذه السنة حوالي ثمانون طالبا كدفعة أولى من طلبة الطب، سوف يتم توزيعهم عبر مستشفيات الولاية في انتظار المستشفى الجامعي الذي ما يزال في مرحلة الدراسة.
في السياق ذاته، قال رئيس لجنة الصحة بالمجلس الشعبي الولائي بن جيمة ميلود، إن المجلس طرح مطلب إنشاء مركز جهوي لعلاج الحروق خلال مناقشته لملف الصحة سنة 2019.
وجاء في رد مدير الصحة الأسبق عن توصية المجلس، أن هذا المطلب يمكن إدراجه في مشروع المستشفى الجامعي، كمصلحة خاصة لمعالجة الحروق.
ولفت بن جيمة الى أنه قد تم عقد إجتماع مع مدير الصحة إثر الحادثة التي أودت بحياة ستة شباب بعد تعرضهم لحروق.
وأكد مدير الصحة وجود برنامج يتعلق بالموضوع، وأنه لابد من وجود مصلحة مجهزة وخاصة بعلاج الحروق.
غير أن المشكل المطروح ـ حسب المتحدث ـ هو غياب الغلاف المالي في الوقت الراهن، لأن ميزانية القطاع المقدرة بثمانية ملايير دينار، استهلك معظمها في مكافحة وباء كورونا، ولم يتبق منها إلا مليار و700 مليون قد يتم توجهيها إلى شراء مولدات كهرباء ووضعها كإحتياط، لتغطية حاجة المستشفيات للطاقة في حالة إنقطاع الكهرباء، إضافة إلى اقتناء تجهيزات أخرى هامة.
وأضاف بن جيمة أن لجنة الصحة بالمجلس الشعبي الولائي لولاية بشار، إقترحت في توصيتها إنشاء مركز جهوي لعلاج الحروق، وأن وزير الصحة الأسبق رد بأن الولاية لم تسجل حالات عديدة تستدعي إنشاء المركز.
وأشار بن جيمة أن مشكل ولاية بشار في مجال الصحة بشكل خاص، هو تغيير المدراء، حيث تعاقب على القطاع في ثلاث سنوات ثلاث مدراء، وهوما تسبب ـ حسبه ـ في تأخر إنجاز المشاريع.
تسع ولايات بدون مركز حروق
من جهته، قال براهيم بن عبد الرحمان، المكلف بالإعلام في مديرية الصحة، إن الضحايا الستة كانت حروقهم من الدرجة الثالثة، وكان يستحيل علاجها، موضحا أن أزمة انعدام مصلحة خاصة لعلاج الحروق تشهدها عدة ولايات في الجنوب الغربي الجزائري، وهي: بشار، بني عباس، أدرار، تيميمون، تيندوف، عين صالح، برج باجي مختار، البيض والنعامة.
ولذلك يتم تحويل الحالات المصابة بالحروق الخطيرة إلى مركز ولاية وهران الذي يعتبر أقرب مركز إلى هذه الولايات.
294 حريقا في خمسة أشهر
سجلت مصالح الحماية المدنية لولاية بشار، حسب المكلف بالاعلام بعالي أبوبكر الصديق، 709 حريقا السنة الماضية، أسفر عن إصابة 22 شخصا بحروق.
وتم في نفس السنة إسعاف 13 مصابا، وأحصت شهري جانفي وماي من السنة الجارية 294 تدخلا لإخماد الحرائق في مناطق عديدة.
أسفرت هذه الحرائق عن إصابة 9 أشخاص، وتم إسعاف 8 مصابين وسجلت وفاة واحدة بين شهري جانفي وجوان من السنة ذاتها.