معاناة اللبنانيين تتفاقم ومخاوفهم تتضاعف، بسبب غياب مؤشرات قريبة على حل عاجل للأزمة السياسية التي طال أمدها، من أجل تتويج الجهود المبذولة بتشكيل حكومة كفاءات وطنية، تكون مهمتها اجتياز المرحلة الحساسة والخطيرة ومنح الأولوية لإرساء إصلاحات عميقة، تجنب هذا البلد الذي عانى في السابق كثيرا من الحروب والدمار أي مخاطر تهدّد استقراره وتماسكه.
الأزمة لا تحتاج إلى حل سحري يسقط من السماء، بل إلى حلول توافقية بين الفاعلين السياسيين وقناعات بضرورة تجاوز كل ما حدث من سلبيات، لاستدراك الاختلالات التي عصفت بالاقتصاد وبحياة اللبنانيين، بهدف إنهاء الجمود وسط الطبقة السياسية، ولا يتسنى ذلك إلا عن طريق وضع مصلحة لبنان فوق أي اعتبار، فلا ينبغي تضييع المزيد من الوقت حتى لا تتعمّق أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية، لأن التقديرات باتت تحذّر من اقتراب انهيار القدرة الشرائية للشعب اللبناني، حيث أصبح نصف اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، ومما يقوي من المخاطر أن البنك الدولي أكد أن لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية لم تسجل منذ أواسط القرن التاسع عشر، وتواجه سلطاته تحديات عديدة تعقد من الوضع وتهدّد بانفجار اجتماعي.
التخوّف من انفجار سياسي وانهيار اقتصادي، يشكّل هاجسا مؤلما لجميع اللبنانيين الذين بدأ صبرهم ينفذ، غير أن الأمل مازال قائما وتدارك تعقيدات الوضع الحالي ممكنة، إذا تضافرت جهود أبناء هذا البلد العربي الجميل، ممن يخافون على مصلحته، وحريصون على دعم ومؤازرة شعب ضحى كثيرا طيلة العقود السابقة، ولا ينبغي في هذا الظرف تجاهل اللبنانيين لخطورة الضغط الخارجي، حيث تهدّد دول غربية بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين، إثر تلويحها مؤخرا بإرساء إطار قانوني قبل نهاية جويلية الجاري، لمعاقبة المسؤولين عن تفجير الأزمة السياسية.
ينبغي أن يسارع في تشكيل حكومة وطنية، ووضع اليد في اليد وقطع الطريق أمام من يضمرون الشر للبنان من قوى الشر المتآمرة، لأن الأزمات الداخلية من الأفضل أن تحل بحلول داخلية، لأنه «لا يحكّ جلدك إلا ظفرك»، ولاشك أن اللبنانيين يدركون حجم خطورة الوضع وضرورة التعجيل بخطوات تشكيل الحكومة ومباشرة الإصلاحات العميقة التي تعيد المصداقية وتكرس الثقة، وفوق ذلك تكون صمام أمان، يحافظ على الاستقرار والتماسـك.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.