شرعت لجنة تقنية مشتركة جزائرية صحراوية في التحضير للترسيم النهائي للحدود البرية بين الجزائر والجمهورية الصحراوية العربية الديمقراطية، وخطوة تأتي، حسب ما جاء في مجلة الجيش في عدد شهر جويلية الجاري، في إطار حرص الجزائر على ترسيم حدوها مع الجمهورية الصحراوية الشقيقة.
يبدو أنّ الخطوة أزعجت المغرب لأنّها تتنافى مع عقيدته التوسّعية وهذا ما يفسّر ارتفاع أصوات نشاز من المخزن وأبواقه تصفها بأنّها مجرد صفقة تمت مع كيان وهمي، في اشارة الى الجمهورية العربية الصحراوية، بينما نسيت أو تناست تلك الاصوات أن المملكة المغربية عندما طلبت الانضمام الى الاتحاد الافريقي في 2017، بعد فشل سياسة الكرسي الشاغر التي انتهجتها على مدار ثلاثة عقود بعد انسحابها من المنظمة الافريقية، احتجاجا على انضمام الجمهورية العربية الصحراوية الى منظمة الوحدة الافريقية، وقّعت على الميثاق التأسيسي للاتحاد الافريقي وبالتالي اعترافها صراحة بالجمهورية العربية الصحراوية، وذلك وفق ما جاء في ظهير ملكي (مرسوم رئاسي) وقّعه الملك محمد السادس نفسه العام الماضي، يتضمن منشور انضمام المغرب الى الاتحاد الافريقي مشفوع بقائمة الدول الاعضاء في الاتحاد ومن بينها الجمهورية العربية الصحراوية.
لماذا مازال المخزن يصّر على سياسة الهروب الى الأمام ويستمر في وصف خصمه بالكيان الوهمي أو مملكة الرمال، متناسيا أنّ الدولة التي يصفها بهذه النعوت هي جمهورية يعترف بها المجتمع الدولي لديها ممثليات دبلوماسية في العديد من دول العالم وممثلين في المنظمات الدولية والاقليمية ولديها مندوب دائم بالأمم المتحدة، يتحدّث باسم الشعب الصحراوي؟ ثم هل نسي المخزن وأبواقه أنّ الملك الحسن الثاني نفسه وقّع مع البوليساريو اتفاقا لوقف اطلاق النار برعاية أفريقية وأممية العام 1991 تمخّض عنه إنشاء بعثة أممية لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية؟
الجزائر التي رفضت اقتسام أراضي الشعب الصحراوي كغنيمة حرب بالأمس ها هي تجدّد موقفها الثابت باعتراف ثان تؤكّد من خلاله أنّه ليس لديها أي أطماع توسّعية بل تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخية، كما تؤكّد من خلال هذه الخطوة أنّ ترسيم الحدود الوطنية الموروثة عن الاستقلال يحافظ على الاستقرار والأمن في المنطقة يحصّن قارتنا من النّزاعات.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.