لسنا ندري كم من الوقت يلزم المجموعة الدولية حتى تتعرّف على الوجه الحقيقي للنظام المغربي الذي ما فتئ يفاجئنا بسلوكات مشينة، وسياسات مريبة، رسم خطوطها وحدّد أبعادها استنادا إلى حسابات بعيدة كلّ البعد عن الأعراف الدبلوماسية والمبادئ الأخلاقية المفروض أن تحكم الدول التي تقوم على القانون والنزاهة واحترام الآخر.
الأكيد أنّ المجموعة الدولية جمعاء وقفت في أكثر من مناسبة على مواقف مغربية خارجة عن القانون و طاعنة لهيبة الشرعية الدولية وساحقة لحقوق الآخرين، لكن ما كشفته وسائل الإعلام العالمية، مؤخّرا حول قيام المخزن – اعتمادا على برنامج «بيغاسوس» للكيان الصهيوني – بالتجسّس على قادة دول وشخصيات وازنة ورجال إعلام، كان بالفعل فضيحة السنة التي عرّت هذا النظام المخادع، وكشفت المستوى الذي يمكن أن ينحدر إليه في سبيل تحقيق أهداف هي بالأساس لا شرعية ولا أخلاقية.
ظلّ العالم أجمع يقف على تجاوزات المغرب وخروقاته المريعة ويدير ظهره لها، بدءا باحتلال الصحراء الغربية وإصراره على سحق القرارات الأممية التي تطالبه بمنح شعبها حقّ تقرير المصير، مرورا بنهب ثروات هذا الإقليم المعني بالاستقلال، وبتشريد الصحراويين في الملاجئ والمنافي وممارسة طقوس عنفه ودمويته على من تمسّك بالبقاء في أرضه ولم يبرحها، ووصولا إلى طرد جميع المبعوثين الأمميين أو عرقلة تعيين من لا يظهرون ولاءهم له و لطروحاته الإستعمارية.
و لم تكن «سادية» النظام المغربي تتوقّف عند انتهاك حقوق جيرانه الصحراويين ولا عند استهداف الجزائر بحملات مغرضة زائفة تحرّكها روح الحقد والغيرة التي أعمت بصره وبصيرته، بل الأمر تعدّى ذلك بكثير ليعكس الحالة المرضية لهذا المخزن الذي لم يتردّد حتى عن إيلام مواطنيه، حيث شهدنا حملات القمع والاعتقال والتشويه التي طالت حراك الريف ونشطائه، كما نشهد اليوم عمليات الترهيب التي تطال رجال القلم والإعلام حتى لا يكونوا شهودا على خطاياه.
لا شكّ أنّ العالم بعد هذه الجريمة النكراء التي اقترفها المغرب بالتواطؤ مع أصدقائه الصهاينة، ستكون له ردّة فعل قوية، والغرب الذي ظلّ متواطئا أو لا مباليا بما يتكبّده الصحراويون من ضيم ، ستكون مواقفه مختلفة هذه المرّة، لأنّ المخزن تجاوز كلّ الخطوط الحمراء وارتكب المحظور، فهو لم يتردّد حتى عن التجسّس على رئيس فرنسا، التي ظلّت تسانده وتحمي ظهره وتغطّي جرائمه النكراء.
«المخزن غايت» فضيحة عرّت الوجه الحقيقي للمغرب، وبيّنت بأنّ الاستقواء بالكيان الصهيوني، والتمادي في انتهاك القوانين وحقوق الإنسان ستجعله يدفع الثمن غاليا، فمن تطاول عليها اليوم هي شخصيات محرّكة للعالم، والجريمة التي ارتكبها مريعة ويعاقب عليها القانون، فلينتظر المغرب حصد الأشواك التي زرعها.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.