مثل شعبي جزائري يقول «ضربني وبكا سبقني وشكا»، هذا حال نظام المخزن في فضيحة التجسس العالمية «بيغاسوس» التي تورّط فيها جهاز المخابرات المغربي وفقا لما كشفه تحقيق شاركت فيه كبريات الصّحف العالمية وبعض المنظّمات غير الحكومية، إلى جانب منظمة العفو الدولية.
الفضيحة المتعلّقة بتجسّس المغرب على آلاف الهواتف الذكية لمسؤولين حكوميّين ومعارضين سياسيّين وصحفيين في عدة دول من بينها الجزائر وفرنسا بواسطة برنامج طوّره الكيان الصّهيوني، عنوانها انحراف دبلوماسي وأخلاقي خطير لا تمارسه إلاّ الدول المارقة في تدخّل سافر في الشّؤون الداخلية للغير.
ولتغطية الفضيحة المدوية سارع المخزن إلى رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية بباريس ضد منظمة العفو الدولية بتهمة «التّشهير» ونشر الأكاذيب حسب مزاعمه، رغم أنّ كل الدلائل التي قدّمت إلى غاية كتابة هذه الأسطر تشير إلى أنّ المخزن متورّط وبشكل كبير في الجريمة.
تفاصيل القضية تطرح العديد من علامات الاستفهام، وتبيّن عمق الأزمة الداخلية التي يعيشها نظام المخزن، وعلى وجه التحديد عقب ورود اسم ملك المغرب وبعض مقرّبيه كأحد المستهدفين من العملية التّجسّسية، وهذا يقود إلى التّساؤل عمّن يحكم حقيقة في المملكة، وكيف لجهاز مخابرات حكومي أن يتجسّس على شخص يمثّل أعلى هرم السّلطة ولصالح من يشتغل ذلك الجهاز؟
تكاليف استخدام هذا البرنامج حسب أحد الخبراء تقدّر بملايين الدولارات لاسيما مع العدد الكبير للهواتف المستهدفة، في وقت يعاني فيه المغرب من أزمة مالية واقتصادية وصحية خانقة كان من الأجدر توجيه تلك الأموال لدعم اقتصادها المتهالك.
هذه الفضيحة تكشف أيضا مدى خطورة نظام المخزن على الأمن والاستقرار في منطقة المغرب العربي وإفريقيا بشكل عام، وهي امتداد لسياسة مغربية متهوّرة استهدفت العديد من الدول الأوروبية والإفريقية، أمر يتطلّب أن تكثّف الجزائر من جهود حماية أمنها السيبراني، والرد على هذه الأعمال الإجرامية غير المقبولة وبالغة الخطورة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.