قبل انتخاب السلطة التنفيذية الليبية من طرف ملتقى أعضاء الحوار السياسي في تونس وجنيف، كانت بوصلة المشهد السياسي الليبي متجهة نحو تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، نهاية العام الجاري، لإنهاء صفحة مأساوية من صفحات ليبيا عقب عقد من الزمن على تدخل حلف شمال الأطلسي في 2011 ، لكن إرادة الليبيين واجهت واقعا صعبا اختلف على ما بدا عليه أعضاء الحوار السياسي الذين بذلوا مجهودات جبارة لاختيار سلطة تنفيذية مؤقتة، ممثلة في حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي خلفا لحكومة الوفاق الوطني التي حكمت البلاد، منذ بداية الأزمة الليبية.
مخاوف الليبيين بدأت تتزايد منذ إعلان البعثة الأممية « فشل » أعضاء الحوار السياسي في التوصل إلى قاعدة دستورية، يتم بموجبها تنظيم الانتخابات في موعدها المحدد والمتفق عليه في 24 ديسمبر المقبل، وهو ما يتمسك به المواطن الليبي ومعه كل الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي، غير أن غياب مؤشرات على الاتفاق حول القاعدة الدستورية في الفاتح أوت المقبل قد يضع البلاد أمام سيناريو تأجيل الاستحقاقات، بحسب، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح.
سيناريو تأجيل الانتخابات لم يكن مطروحا منذ انتخاب السلطة التنفيذية التي وضعت على رأس أولوياتها تنظيم الاستحقاقات وهو ما جسدت فعلا نوايا رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، من خلال تبني مشروع مصالحة شاملة عبر كل التراب الليبي وضعت حدا للأطراف الطامعة في مشروع أجنبي لتقسيم البلاد.
في حال عدم الاتفاق على القاعدة الدستورية في مطلع أوت، فلن يكون من الممكن إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، بحسب رئيس مفوضية الانتخابات الليبية، بل سيتم إجراء انتخابات برلمانية فقط في ديسمبر، وتأجيل الرئاسية إلى 24 جانفي من عام 2022. وهو ما يدل على غياب مؤشرات على أنه سيتم تقديم قاعدة دستورية في الأول من أوت.
غير أن تأجيل الانتخابات لا يعني البتة فشل مساعي إنهاء الأزمة السياسية، بقدر ما يعكس مدى تمسك الشعب الليبي بالمصالحة، عن طريق تبني ممارسات ديمقراطية سليمة تجسد لأوّل مرّة في تاريخ البلاد.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.