ما الذي يحصل في تونس مساء الأحد؟ سؤال تطرحه وكالات الأنباء التي حولت عيونها وكاميراتها نحو الجارة الشرقية، لمعرفة نوايا الرئيس التونسي بعد توليه السلطة التنفيذية، وردود فعل راشد الغنوشي والنهضة، والشارع التونسي..
قرر الرئيس التونسي، قيس السعيد، تجميد اختصاصات المجلس النيابي، مساء اليوم الأحد، 30 يوما، في اجتماع طارئ للقيادات العسكرية والأمنية، انتهى بإقرار رفع الحصانة عن أعضاء المجلس النيابي ومن تعلقت به قضية.
ويتولى رئيس الدولة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يختار رئيس الجمهورية رئيسها.
https://www.facebook.com/watch/?ref=external&v=323343259519706
وأعلن سعيّد هذه الإجراءات بموجب الفصل 80 من الدستور، عقب اجتماع طارئ في قصر قرطاج، في حين تُواجه البلاد أزمة صحّية غير مسبوقة بسبب تفشّي فيروس كورونا وصراعات على السلطة.
ويتوقع صدور قرارات في شكل مراسيم، لاحقا، لضمان عودة السلم للدولة التونسية، بحسب ما يراه صاحب هذا التحول السياسي السريع في تونس.
وأعفى الرئيس قيس السعيد المشيشي من رئاسة الحكومة، وكيفه بتولي ادارة الحكومة وهو مسؤول أمام رئيس الجمهورية، لكن المشيشي “إختفى”، مثلما تقول آخر الأخبار.
الغنوشي: قرارات الرئيس قيس سعيد “انقلابا على الثورة والدستور”
في أول رد فعل، فجر اليوم الإثنين، اعتبر رئيس حركة “النهضة” ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة “انقلابا على الثورة والدستور”، وشدد على أن الشعب التونسي وأنصار “النهضة” سيدافعون عن الثورة.
وأضاف الغنوشي، في تصريحات إعلامية، أن “أنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة”.
وحذر من أن قرارات سعيد “خاطئة وستُدخل تونس وشعبها في ظلمات وسلطة الرأي الواحد”.
وحول ما صرح به سعيد من أنه استشار رئيس البرلمان ورئيس الحكومة في قراراته، نفى الغنوشي ذلك، وقال: “الرئيس سعيد استشارني فقط في اجراءات طارئة، وقد اعتاد الاستشارة حول الطوارئ، ولم يُعلمنا مسبقا بقراراته” التي أعلنها مساء الأحد.
وشدد الغنوشي على أنه يعتبر أن “البرلمان في حالة انعقاد دائم والحكومة مازلت قائمة”.
وتابع أنه “اتصل بالأمين العام للاتّحاد العام التونسي نور الدين الطبوبي من أجل استعادة الديمقراطية”، داعيا المنظمات الوطنية “إلى الدفاع عن الشرعية”.
وأكد أنه سيدعو الى اجتماع للكتل البرلمانية، الإثنين، ومواصلة العمل بشكل عادي في البرلمان، مشيرا إلى أنه في صورة تعطيل عمل البرلمان فـ”سُيعتبر ذلك جزءا من استبداد الرئيس قيس سعيد”.
وكان سعيد شدد على أن قراراته “ليست تعليقا للدستور، وليس خروجا عن الشرعية الدستورية”
الجيش يغلق البرلمان ويمنع النواب من دخوله
ومنع عسكريون تونسيون فجر اليوم الاثنين رئيس وأعضاء مجلس النواب من دخول مقر المجلس، وأخطروهم بأن لديهم تعليمات تقضي بإغلاق البرلمان. ولم يتمكنوا من عبور البوابة الحديدية لمقر المجلس.
واستنكر الغنوشي استخدام الجيش لتنفيذ قرارات الرئيس قيس سعيد التي قال إنها تنتهك الدستور ومبادئ الثورة.
انقسام..
على وقع الذهول والاستنكار والمباركة، انقسمت المواقف في الشارع والقوى السياسية التونسية، بعد إعلان الرئيس قيس سعيد تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وتولي السلطة التنفيذية بنفسه.
وأعلن بيان رئاسي فجر اليوم الاثنين، تفعيل قيس سعيد الفصل 80 من الدستور والذي يوصف بالسلطة الجبارة في يد الرئيس، متخذا قرارات بررها بحفظ “كيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة”.
ودعت رئاسة الجمهورية التونسيين إلى “الانتباه وعدم الانزلاق وراء دعاة الفوضى”.
ويشهد محيط المقر الرسمي لحركة النهضة بالعاصمة حالة كر وفر بين عشرات المتظاهرين الغاضبين وقوات الأمن التي أطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم ومنعهم من اقتحام المقر، بعد أن شهدت مقرات الحركة في عدد من المدن هجمات من محتجين تمكن بعضهم من اقتحامها وتكسير محتوياتها.
ورغم حظر التجول الليلي الذي فرضته السلطات كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس كورونا، خرج العشرات من التونسيين الغاضبين على المنظومة الحاكمة، في محافظات عديدة، للاحتفال بقرارات الرئيس التونسي.
في حين عبر آخرون عن مخاوفهم من دخول تونس في دوامة الفوضى واحتراب أهلي وإنهاء التجربة الديمقراطية بـ “انقلاب مكتمل الأركان”.
ونفت قيادات نقابية من مطار تونس قرطاج الدولي الأخبار المتداولة عن إغلاق المطار والحدود الجوية وحجر السفر على شخصيات وقيادات سياسية بارزة.
وتساءل كثيرون عن آليات تنفيذ قرارات الرئيس قيس سعيد ومن سينفذها، وسط مخاوف من توريط الجيش التونسي، الذي حمى ذات يوم الثورة، في هذه المعركة بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان.
خلافات واختلافات
انتخب رئيس تونس والبرلمان في انتخابات شعبية منفصلة عام 2019، وتولى رئيس الوزراء هشام المشيشي منصبه الصيف الماضي ليحل محل حكومة أخرى لم تستمر سوى فترة وجيزة.
ومنذ هذا التاريخ والخلاف السياسي قائم بين الرئيس قيس سعيد وحركة النهضة في مواضيع وأمور كثيرة.
وشهدت بعض المحافظات التونسية مظاهرات بمناسبة إحياء الذكرى 65 لإعلان الجمهورية رفعت خلالها شعارات تطالب بإسقاط النظام وحل البرلمان وتندد بالحكومة وسياساتها.
وتخللت هذه المظاهرات محاولات مشاركين فيها اقتحام مقرات حزب حركة النهضة وإحراقها، مع تهشيم لافتات مقرات رئيسية للحزب خاصة في محافظات توزر والقيروان وسوسة، ما دفع قوات الأمن للتدخل وتفريق المحتجين.
وأدانت حركة النهضة في بيان هذه الاعتداءات واتهمت المتورطين فيها بأنهم “عصابات إجرامية يتم توظيفها من خارج حدود البلاد ومن داخلها (…) بغرض إشاعة مظاهر الفوضى والتخريب، خدمة لأجندات الإطاحة بالمسار الديمقراطي وتعبيد الطريق أمام عودة القهر والاستبداد”.