عدو واحد وأوحد يتوجّه بسلاحه الفتاك للقضاء على ما تبقى من وعي وسط المجتمع، فيكفي أن ينشر أحدهم إشاعة لا يصدقها جاهل لإرباك الرأي العام وتوجيهه نحو هزات ارتدادية قد يكون وقعها شديدا على المجتمع، فلا يمكن تجاوز نتائج غياب ضمير جمعي حي في إدارة تسيير الأزمة الصحية الاستثنائية اجتماعيا، حتى يكون كل فرد منه مسؤولا عن الآخر في معادلة إنسانية مشبعة بمواطنة سليمة تعيد للبناء الاجتماعي توازنه.
الجهل، تصنعه مغامرة غير محمودة العواقب على المجتمع لأنه طريق يؤدي بصاحبه إلى التهلكة، الأَمَرُ من كل ذلك أن الجاهل يذهب إلى الموت طواعية والسعادة تغمر احاسيسه الغريبة، فلا يمكن قبول أن ينشر طبيب فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمغالطة الرأي العام وتزويده بمعلومات خاطئة عن الوضع الصحي في الجزائر، بل يعطي تكهنات ووصفات طبية لمرضى كوفيد-19 ليصنع من نفسه بطلا ورقيا لا يصدقه إلا جاهل.
هذا البطل الورقي «الخارق» وجد عند كثير من العامة ممن «غُيّبت» عقولهم الاهتمام والقبول بل أقاموا به الحجة للقول بـ«فشل» اختيارات إدارة تسيير الأزمة الصحية في إبعاد الجزائر عن خطر داهم بسبب موجة ثالثة متحورة، صنعت «دلتا» شراستها وقوتها في إعلان استباقي عما ستكون عليه الوضعية الوبائية إن لم تستجب عقول المكذبين والمصدقين لهذا البطل الورقي الخارق ولم تذعن إرادتهم لتوصيات الأطباء والمختصين.
لن أبالغ إن شبهت هذا الطبيب بـ «مسليمة الكذاب» الذي حاول إخراج المسلمين عن جادة الصواب والإسلام، فهو بما ينشره من فيديوهات يحاول ابعاد المواطن عن الطريق الأسلم للخروج من موجة ثالثة بأقل الأضرار والخسائر الممكنة، الغريب أن هذه الفيديوهات تنتشر بسرعة انتشار النار في الهشيم، وكأنها وحاشاها أن تكون «قرآنا منزلا» فلا يمكن تفسير تصديق عامة الناس لها، ربما لأنهم دائما يرغبون في سماع من يذم السلطات حتى وإن كان الأمر متعلقا بوباء عالمي تدخل بعض الدول موجته الرابعة.
لذلك كان لزاما علينا تدارك الأمر بملء الفراغ الذي يستغله هذا البطل الورقي من أجل تحقيق أغراض مشبوهة قد تضرب استقرار البلد في مقتل، فكما الفقر «كافر» الوباء أيضا يخرج الإنسان عن نطاق السيطرة بجعله قوة متهورة تأتي على الأخضر واليابس.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.