بدأ الأمل ينبعث من جديد لتجاوز الانسداد السياسي في لبنان وينتظر تجميع الجهود لانهاء الخلاف العميق الذي يهدد الاستقرار للخروج بتوافق ثمين يسمح بمعالجة الأزمة الاقتصادية القاسية التي تنذر بحدوث انهيار حاد في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، لأنه يستحيل تجاوز الظرف الصعب والشعب اللبناني بجميع أطيافه وطبقته السياسية متفرقا، فالالتفاف والوحدة والتقاطع حول مصلحة الوطن، بداية طريق الحسم في العراقيل المتسببة في إطالة عمر الأزمة التي اشتدت وطفح كيلها منذ تفجير مرفأ بيروت بداية شهر أوت من السنة الماضية.
يحتاج لبنان في الوقت الراهن إلى خارطة طريق دقيقة وواضحة وذكية تعمل على تجسيدها حكومة تتحلى بالكفاءة والنزاهة والإجماع، للتوافق على حلول تصب في المسار الصحيح، تتجاوز الانقسام الذي حاولت قوى أجنبية زرعه، مستعملة سكين الطائفية لتمزق وحدة اللبنانيين، لأن الجميع يدرك بأن الانقسامات تفتت الشعوب ولا تقربها، وجميع الأزمات في العالم أثبتت أن تجاوزها يكون بحلول داخلية، وتكاتف أبناء الشعب الواحد في وقفة صلبة لدحر كل مخاطر التآمر التي تهدد البلد بالتشتت والانهيار.
بوادر الانفراج التي لاحت، إثر تقويض أزمة تشكيل الحكومة، أعادت بارقة أمل من جديد ليستعيد معها اللّبنانيون تطلعاتهم في رؤية لبنان ينعم بالأمن والاستقرار والتنمية، والكرة في مرمى الطبقة السياسية والحكومة الجديدة التي لا تحمل مهمة واحدة، بل ينتظرها البت في العديد من الملفات الشائكة لفك تعقيدات الأزمة المتشابكة ما بين أزمة سياسية عمقت من المعضلة الاقتصادية والصحية.
يمكن للبنان أن يستفيد من دروس الماضي ومن الوضع الذي تتخبط فيه عديد الدول جراء الانسداد السياسي وانفلات الوضع الأمني، لأن الأعداء لن يرحموا الشعب اللبناني إذا ضيع فرصة انتشال بلده من الضياع، في ظل استعداد المجتمع الدولي لتقديم مساعدات اقتصادية للتخفيف من الأزمة المالية الخانقة، في وقت سيقود نجيب ميقاتي الحكومة المرتقبة حيث يتحلى بالخبرة وملم بجذور الأزمة، ويعوّل عليه في تجاوز الجمود بالحنكة والحكمة والوسطية. لكن كل هذا لا يكفي بعيدا عن وضع جميع اللبنانيين خاصة السياسيين والمثقفين اليد في اليد وحمل لبنان إلى برّ الأمان وطي صفحة الأزمات وقطع الطريق في وجه من يتربص شرا بهذا البلد الجميل.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.