بالرغم من كل ما قيل عما عرفه ويعرفه المجتمع الجزائري من هزات ارتدادية أثرت سلبا على تماسك وقوة روابطه الاجتماعية، أثبت مرة أخرى أن معدنه أصيل، فغالبا ما تكشف الشدة معدن الرجال، الهبّة التضامنية في مختلف ولايات الوطن من أجل التخفيف من معاناة مرضى الوباء العالمي، أعادت صور النسوة اللواتي تبرعن بمجوهراتهن عندما أعطت النساء حليهن ومالهن وكل تملكن لبناء جزائر الاستقلال.
الهبّة التضامنية التي ميزت الأسبوع الأخير جعلت كثيرين يتنفسون الصعداء لأنها تأكيد ودرس قاس لكل من يشكّك في انسلاخ المجتمع عن خيريته ومعدنه الأصيل، لذلك هي بحق هبّة سيكون لها أثرا إيجابيا على التركيبة الاجتماعية بإعطائها نوعا جديدا من الاسمنت لترميم بناء مجتمع تفكّكت أواصره بسبب عشرية سوداء استبيح فيها كل شيء.
اليوم ونحن نرى التفاف المجتمع بجميع أطيافه حول الوطن بسبب الوباء نتقيّن أن الجزائر لم تعقم بعد، وأنها ما زالت تلد الرجال و»الحراير» الذين لا تكسرهم أزمات أو نكبات، اليوم تضخّ دماء جديدة كرياته الحمراء تشبعت وطنية وجزائرية عكستها وقفة شعبية في التزام تام وتحمل كامل لمسؤولية اجتماعية كاد البعض أن يقرأ عليها الفاتحة في مقبرة المبادئ والقيم.
في لحظة كنا نعتقد أن الفرد داخله يعيش في عزلة تامة، إبان هذا المجتمع «المحتضر» عن قوة الأسلاف والأجداد، قوة نفضت غبار الذل والهوان بعد أن احتفلت فرنسا بمئوية احتلالها لأرض الجزائر، احتفلت لتستخرج للجزائر شهادة ميلاد فرنسية، لكنها تناست أنها احتلت الأرض وليس القلب، وهي الحقيقة التي أدركتها في الساعات الأولى من الفاتح نوفمبر 1954.
واليوم أدرك المتلاعبون بعقول الجزائريين ووطنيتهم أن محاولات تغييب الانتماء بنشر الاخبار والاشاعات الكاذبة سيطفو على سطح قلب تشرّب حب وطنه حتى ثمالة، ليقتنع هؤلاء أن معادلة تحريف المجتمع عن «جزائريته» بلا حلول رياضية حتى وأن اتحد جميع عباقرة التدمير والتزييف، لتكون «الجزائر» بذلك ثامن المسائل غير المحلولة في الرياضيات.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.