شهدت الدبلوماسية الجزائرية في الأيام القليلة الماضية ديناميكية بوتيرة متقدمة، لاسيما بعد زيارة وزير الخارجية الجزائري لكل من مصر، إثيوبيا والسودان للمساهمة في معالجة قضية سد النهضة.
هذه المسألة الشائكة والتي لم تعرف طريقها إلى الحل طيلة عشر سنوات مضت، ترى الأطراف الثلاثة في الجزائر دولة قادرة على تقريب وجهات النظر للوصول إلى حل يرضي جميع المتخاصمين.
المراهنة على الجزائر لحل هذه القضية المعقدة لم يأت من فراغ، نظراً إلى رصيد الجزائر في مجال الوساطة، ولعل أهمها إنهاء الصراع الحدودي بين إثيوبيا وإريتريا، إثيوبيا أحد أطراف الخلاف الحالي مع مصر والسودان والتي تشهد بعض الاضطرابات الداخلية وبالتالي تسعى للوصول إلى حل نهائي لملف سد النهضة في أقرب وقت ممكن.
مصر كذلك ترى في الجزائر الدولة الشقيقة الأمثل حاليا للتوسط لحل هذا النزاع الذي أرهقها كثيرا. وبرز هذا التوجه في تصريحات مسؤولين ووسائل إعلام في القاهرة، تحديدا بعد استنفاد كل الجهود الممكنة تقريبا لحل هذه القضية، سواء في إطار الاتحاد الإفريقي أو مجلس الأمن الدولي.
كما أن ملفات أخرى تحظى باهتمام مشترك بين القاهرة والجزائر، تجعل من مصلحة الطرفين حلّ كل المشاكل العالقة ودعم الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا خاصة والتي يتشاركان معها أطول حدود برية غربا وشرقا.
من جهة أخرى، تقود الدبلوماسية الجزائرية معركة صامتة لا تقل أهمية عن قضية سد النهضة، بل وتفوقها في معناها ورمزيتها وأهميتها، هي معركة طرد الكيان الصهيوني بصفته «مراقبا» في الاتحاد الإفريقي، بعد أن كسبت الجزائر عدة دول إفريقية لمحاصرة التغلغل الصهيوني في قلب الاتحاد الافريقي الذي لطالما كانت قراراته مساندة للقضية الفلسطينية، حيث تدرك الجزائر أن قبول هذا الكيان كعضو مراقب يهدف أساسا لكبح التأييد القاري للشرعية الدولية ومناصرة الشعوب المضطهدة، أبرزها الشعب الفلسطيني. وتستند في تحركها الدبلوماسي ضد التغلغل الصهيوني، لمبادئ قانونية وسياسية إفريقية بامتياز، لأنه جرى خلافا للأنظمة والإجراءات المعمول بها قانونيا وبروتوكوليا.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.