تنحنح رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكّي محمد أخيرا، وأصدر بيانا، حاول أن «يسوّغ» فيه «تفرّده» بقرار «اعتماد الكيان الصهيوني»، عضوا ملاحظا بالاتحاد. ولم يكتف في بيانه بـ»التذكير» بأن القرار يدخل في «صلب صلاحياته»، ولكنّه تمادى إلى «التّذرع» بالعلاقات الديبلوماسية التي عقدتها دول إفريقية مع الكيان. وأضاف يقول، إن «عددا معتبرا من تلك الدّول طالب بقرار في هذا الصّدد»!!!..
ولقد أبدى المفوض الإفريقي كثيرا من الذّكاء والحنكة في صياغة البيان، خاصة حين ألمح إلى أنّه قام بـ»واجب التّذكير» حين تسلم أوراق اعتماد ممثل الكيان الصهيوني، وأخبره بأن «الاتحاد الإفريقي متشبّث بحقوق الشعب الفلسطيني». وأخبره كذلك، أن هذه «الحق، يجب أن تؤخذ من الصّهاينة في إطار سلام شامل، عادل ونهائي بين الصّهانية والفلسطينيين»..
وواضح أنّ بيان فكي اعتمد على تركيب عدد من المغالطات الواضحة، فـ»صلب صلاحياته» التي تغنّى بها، لا تصلح ذريعة في هذا المقام، وتذكير ممثّل الكيان بالحق الفلسطيني، لا يصلح حجّة لاعتماده؛ ذلك أنّ إفريقيا هي القارة الأكثر تضرّرا – تاريخيا – من الفكر الكولونيالي المقيت، ولا يمكن بأيّة حال الاعتماد على مجرّد (صلب صلاحيات وقرار فردي) من أجل اعتماد ملاحظ كولونيالي محض، لا ينفع معه «التذكير» ولا «التشبّث» ولا حتى «رقص المانجو»..
أما أخطر ما في البيان، فهو إعلان المفوّض الإفريقي عن (نيته الصافية!!) في تسجيل المسألة على جدول أعمال أول اجتماع للمجلس التنفيذي للمنظمة. ولقد مرّر (نيّته الصافية طبعا!!) في شكل رضوخ لـ»التحفّظات» التي عبّرت عنها الدّول المناهضة لقرار (صلب الصلاحيات)، ما يعني أنه (ذكيّ جدّا جدّا)، غير أن (نيّة التسجيل هاته) كان ينبغي أن تنعقد قبل «التّحفظ» (حتى نلتزم بالمصطلح الدّبلوماسي ولا نقول «الرفض» صراحة)، لأن غاية «التسجيل» الواضحة الآن، هي زعزعة الصفّ الإفريقي واختراقه، والضرب بقيمه العليا عرض الحائط، ما يجعل المسألة الحقيقية تتمثّل في ضرورة المفاضلة بين «صلاحية المفوّض» و»مصلحة الاتحاد» الذي يستخدم المفوّض..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.