لن يمرّ قرار مفوضية الاتحاد الإفريقي بقبول الكيان الصهيوني “عضوا مراقبا” داخل الإتحاد دون هزات سياسية مرتقبة ستكون تداعياتها خطيرة جدا على المدى القريب بالنظر لتوقيت اعتماد هذا القرار الشاذ عن سياسة زعماء أفريقيا، لاسيما وأنه جاء بطريقة استفزازية واستغلالية في نفس الوقت لبعض الدول الفقيرة والضعيفة في التكتل الإفريقي وهو الصوت الوحيد المدافع عن مصير شعوب القارة السمراء على الساحة الدولية.
لم يكن هذا القرار مفاجئا بشكل أو بآخر بالنظر لبعض المؤشرات التي مهدّت الطريق لقبول الإتحاد الإفريقي للكيان الصهيوني بصفة عضو مراقب، من خلال إقامة علاقات دبلوماسية مع عدة دول أعضاء وتبادل التمثيليات الدبلوماسية والسفراء في السنوات الأخيرة تمهيدا لقبول الكيان العنصري بصفة مراقب وتدخله فيما بعد في الشؤون الداخلية للمنتظم القاري.
لكن الأسباب الحقيقية لهذا القرار تكمن في الدور المحوري الهام الذي بات يضطلع به الإتحاد الافريقي على المستوى الدولي، خاصة داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث إنه يمثل 54 دولة تشكل أصواتا مهمة لقضايا التحرّر في العالم وفي مقدمتها قضية فلسطين، والصحراء الغربية، الأمر الذي يجعل من دول الإتحاد الأفريقي ورقة ضغط داخل الأمم المتحدة فيما يتعلّق بقضايا تتجاوز حدود القارة السمراء، على غرار تصويت الأفارقة لتمكين الصين من مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وهو قرار كان آنذاك مفاجئا للقوى الغربية وعلى رأسها أمريكا المنافس الشديد لجمهورية الصين.
مؤشر آخر على بداية مرحلة جديدة داخل الإتحاد الأفريقي كان منذ سنوات، وبالضبط تتمثل في الدوس على الميثاق التأسيسي للاتحاد وذلك في 2017، عندما تمّ قبول انضمام عضو جديد “المغرب” وهو بلد يحتل في نفس الوقت دولة عضو مؤسس بالاتحاد رغم أن القانون التأسيسي لهذا المنتظم يوصي باحترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، وما شكّل ذلك من صراع دبلوماسي شديد بين دول وازنة في الإتحاد راهنت على تسوية النزاع بذلك القرار، لكن ما حدث كان العكس تماما.
كل هذه المؤشرات السلبية لا تصبّ في مصلحة الإتحاد الافريقي المعول عليه في حل مشاكل القارة السمراء وإنهاء الهيمنة الغربية للاستعمار السابق. وهذه الجهود تقودها دول محورية تتصدرها جنوب أفريقيا والجزائر ونيجيريا، تتطلّب مساع جماعية وإرادة سياسية بعيدا عن التطبيع مع الكيان الصهيوني الساعي إلى مواجهة كل قوة تنادي بالحرية والاستقلال داخل الإتحاد القاري.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.