الخناق على لبنان يشتد بفعل تعدد مآسيه واستمرار أوجاعه التي تتعمق من حادثة لأخرى من دون انقشاع ضبابية ما يضع حدا لنهاية النفق، وكل ذلك يحدث في وقت مازال هذا البلد “الصغير” جغرافيا والكبير بتطلعات شعبه، محاصرا بأزمات اقتصادية وسياسية ومالية تنخر المنظومة الاجتماعية التي تدهورت قدرتها الشرائية حيث بسبب كل ذلك يتوجس الشعب اللبناني المحب للسلم والاستقرار والحياة الكريمة من مستقبل مجهول وآفاق مظلمة، بفعل صدمات الانفجارات المتتالية وتفاقم تداعيات انهيار العملة ونزيف الموارد المالية المتآكل.
من يضع حدا لمعاناة اللبنانيين، ومن يرفع الخناق عن شعب بلاد الأرز المتطلع للكثير من الإصلاحات، والمتعطش للشفافية، ويترقب ظهور بوادر أمل تنير مسار إعادة ترميم كل ما تصدع بفعل الخلافات أو نتيجة إخفاقات في مجال التسيير والتقدير، ومنذ تكليف ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة بدت مؤشرات جديدة أدخلت الاطمئنان إلى نفوس اللبنانيين الذين ربما لن ينتظروا كثيرا حتى يروا حلم ميلاد حكومة جديدة تتسلم حقائبها لمباشرة خطوات الإصلاح وفي نفس الوقت الانطلاق في إعادة بناء وترميم كل ما تصدّع بداية من الثقة إلى الاقتصاد وإرساء منظومة سياسية يسودها الانسجام ويتسابق فيها المسؤولون على إحداث قطيعة مع فجوات وأخطاء الماضي، بعد ترك خلافاتهم جانبا وتجاهل أي حسابات لا تتقاطع مع المصلحة الوطنية وبالتالي الاتفاق على حلول جريئة وبناءة بهدف معالجة الأزمة بوصفات ممكنة وواقعية تضمد الجروح المتعددة وتمحو آثار ما تكبده البلد من معاناة قاسية هددت بسرقة لقمة عيش شعبه.
يقترب لبنان من طي صفحة الإخفاق، بداية من معاناة مع نظام مصرفي شبه معطل ومحاصر بأزمة مالية برزت مع نهاية 2019، وعلى إثر ذلك منعت البنوك التحويلات إلى الخارج وفرضت قيودا على السحب من الودائع، خاصة مع تسجيل انخفاض في مخزون المحروقات والأدوية وحليب الأطفال في الصيدليات وفقدان بعض الأدوية وتراجع مخزون المستلزمات الطبية في المستشفيات، وفقدان المواد الغذائية المدعومة وأزمة وقود وكهرباء مما أجج غضب اللبنانيين المصممين على التمسك بخيار حمل لبنان إلى بر الأمان وانتشاله من الغرق.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.