يتجّه المغرب، إلى تحطيم الأرقام القياسية في افتعال الأزمات الدبلوماسية، مع دول الجوار، والدول التي تبعد عنه آلاف الكيلومترات، معتقدا أن بيده الأوراق الأقوى للابتزاز و»الإخضاع»، غير أن واقع الحال يكشف في كل مرة، أنه بصدد ممارسة «دبلوماسية الدعاية» لا غير، مثلما حول الحال مع «أنبوب غاز المغرب العربي».
بدا ملك المغرب، محمد السادس، في آخر خطاب له، الجمعة الماضي، بعيدا كل البعد عن حقائق الأشياء، حتى لما تعلق الأمر بما قال إنه «دفاع عن المصالح العليا للمغرب والاستمرار في النهج الحالي»، والذي كلف بلاده أزمات خطيرة للغاية مع دول عديدة، كالجزائر، اسبانيا، وألمانيا ودول أخرى ترفض بشكل قطعي التنازل قيد أنملة عن الشرعية الدولية.
ولا يبدو أن المغرب، يفكر في التوقف، عن ممارسة الدبلوماسية، من باب الدعاية، والكذب على الرأي العام الداخلي المغربي، بما يجعله يعتقد أن بلاده، تخاطب العالم من موقع «آمن»، والحقيقة أن مغامرات وزير الخارجية ناصر بوريطة، تكاد تنفضح أخيرا لتظهر على أنها «ويلات» «وخيبات» يجري حصادها الواحدة تلو الأخرى.
فكيف يسمح الملك المغربي لأعضاء حكومته، بمخاطبة الشعب المغربي والمنطقة من موقع «المطمئن بشأن مستقبل أنبوب غاز المغرب العربي الذي يربط بلاده بالجزائر وكان في وقت سابق يصل اسبانيا والبرتغال؟».
لقد صرحّت مسؤولة مغربية، للصحافة، «زاعمة أن بلادها موافقة على تجديد عقد الخط الذي ينتهي في 31 أكتوبر المقبل»، متحدثة عن كونه مشروع إقليمي مربح». وفعلا وإلى غاية اللحظة، المنشأة مربحة للمغرب بشكل كبير، كونه ينال حصة سنوية بـ 900 مليون متر مكعب من الغاز الجزائري زائد حقوق العبور التي تصل إلى أزيد من 50 مليون دولار في السنة.
والمهم معرفة أنّ أنبوب الغاز الذي دخل حيز الخدمة سنة 1996، صار يمون المغرب، فقط، بعدما باشرت الجزائر، تموين السوق الأوروبية عن طريق اسبانيا والبرتغال، عبر خط ميدغاز الذي يربط بني صاف (عين تموشنت) بألميرية الاسبانية عبر المتوسط، منذ 2011.
وعزّزت وزارة الطاقة الجزائرية، سنة 2018، قدرات ميدغاز، عبر وصله بأنبوب المغرب العربي الذي يمر عبر الأراضي المغربية. وابتداء من الخريف الداخل سترتفع قدرات ميدغاز إلى 10.5 مليار متر مكعب، وفق ما أعلنته الشركة الاسبانية ناتيرجي، في وقت سابق، بمعنى الجزائر لن تكون بحاجة أبدا إلى تموين السوق الأوروبية بالغاز عبر الأراضي المغربية.
ومع كل هذه الحقائق، لا يمكن للمغرب المواصل في سياسته الدعائية، التي مارسها لأشهر عديدة، موهما الرأي العام الداخلي، بأنه بصدد البحث عن بدائل للغاز الجزائري، كالترويج لأنبوب الغاز الوهمي مع نيجريا، وكل هذه الرقصات، كان يرمي من خلالها إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع الجانب الجزائري بغرض إبرام عقد جديد من موقع أقوى.
وكشفت مصادر خاصة لـ «الشعب»، بأن «المغرب لا يمكنه الحديث عن موافقته أو عدم موافقته من تجديد العقد أو عدمه، لأنه لا يملك قراره، والقرار النهائي بيد الجزائر».
والسؤال الأكبر ما الذي سيدفع الجزائر إلى إبرام عقد جديد لتسويق الغاز إلى المغرب؟ علما أن الأخير كان يريد زيادة التدفق إلى ما فوق مليار متر مكعب سنويا، لتلبية طلب مصانعه وكافة المنشآت التي تشتغل بالغاز.
لقد كانت هذه المعطيات والحقائق، قبل الحرائق الإجرامية الأخيرة التي ضربت الجزائر، وقبل قرار المجلس الأعلى للأمن، «إعادة النظر في العلاقات مع الرباط». وفوق هذا كله فإنه وحتى حالة عادية، سيكون المغرب مجبرا على الجلوس للتفاوض وفق الأسعار الجديدة للغاز، والتي ارتفعت في السوق العالمية بنسبة فاقت 600 بالمائة مقارنة بأسعار السنة الماضية.
من الواضح أن دبلوماسية «الابتزاز» والعمل على إلحاق الأذى بالغير، سينتهي إلى عواقب غير محمودة، خاصة لمن كان يلوح بأوراق بالية، تجعله في موقع المغامر الذي لا يعمل عكس مصلحة شعبه.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.