في كثير من المرات يلعب الاعلام دورا محوريا في السياسات المتبعة للدول حتى وصل ببعضها الى توظيفه لصالح مخططات خاصة حولته الى «عميل سري» يقتات من سقطات الشعوب ليحولها الى قوة في يد الجهة الأخرى، فترى قائمون عليها يجندون صحفيين وتقنيين خدمة لهدف ظاهره وطني وباطنه خارجي مكتوب بأياد أجنبية، ولعل المتتبع لبعض المعطيات يجد ان كثيرا من القضايا السياسية يتم اعطاؤها وصفا اجتماعيا من اجل مناقشتها بغية تعويد المتلقي عليها، للمرور بسلاسة تامة ودون مقاومة تذكر الى المرحلة الثانية من «النقاش».
خطة كسر المجتمعات تبدأ بتمييعه واخراجه عن سياق مبادئه وشريعته الاجتماعية التي تمثل هويته وابعاده الإنسانية في التاريخ البشري، ولا يمكن بما كان تحطيم اسوار مقاومته النفسية لأي تغريب او مسخ الا من خلال الولوج الى عقله الباطني للعبث بأركان هويته وهز الثقة بين الانا وكينونته الاجتماعية والنفسية، لان زعزعتها هي الوسيلة الأنجع للسيطرة على الشعوب دون تدخل مسلح.
وبين معادلة التغريب وسياسة «المسخ» يجد الفرد نفسه أمام «مقصلة» لا تقطع رؤوس المقاومين والمجاهدين، بل تقطع صلة المرء بهويته وتاريخه وكل المقومات المميزة له كشخص له «بطاقة تعريف» داخل التاريخ البشري، لذلك كان من الضروري تتبع تلك المنابر الإعلامية المكلفة بـ»مهمة المقصلة» في ابعاد المجتمع عن هويته وجزائريته بتمييعه وتغريبه عن «مقومات» شخصيته، لان المستقبل تبنيه الشعوب المعتدة بنفسها لا «المسخ» من الشعوب التي ذابت في مقومات لا تمثلها.
نحن اليوم أمام تحد حقيقي للبقاء وسط «قرية مفتوحة» وُجدت تكنولوجياتها المتطورة لمحو الضعفاء من الشعوب، من اجل سيطرة كاملة ومتكاملة على عالم يرفض اسياده ترك «باب» المستقبل مفتوحا أمام غيرهم من الشعوب، نحن اليوم امام مهمة صعبة في التحكم بإعلام تستغل اقلامه واصواته لخدمة مآرب تحاول امتلاك «مفاتيح» المجتمع للسيطرة عليه دون الحاجة الى تحرك الجيوش، مهمة تتجلى أهدافها الأساسية في ايقاظ المجتمع من «سبات» فكري وعملي الى حركة «خلاّقة» في مختلف المجالات.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.