يستلم نواب المجلس الشعبي الوطني، مخطط عمل الحكومة، تمهيدا لانعقاد جلسات العرض والمناقشة والمصادقة، في غضون أيام قليلة. وتتضمن الوثيقة التي اطلعت عليها “الشعب”، “أهدافا عملية” وتظهر فيها “الواقعية” في تشخيص النقائص وبلورة الحلول، ليبقى التنفيذ الميداني الرهان الأكبر.
سبق للوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، يوم تنصيبه، في 08 جويلية الماضي، أن حرص على وصف برنامج رئيس الجمهورية بـ”النهضوي”. ليفرج نهاية الأسبوع المنصرم، عن مخطط عمل الحكومة الذي سيتولى من خلاله تنفيذ هذا البرنامج في ظل تحديات وضغوط غير مسبوقة.
ووفقا للآجال القانونية المحددة، استغرق تقديم المخطط لمكتب المجلس الشعبي الوطني، 45 يوما منذ تنصيب المسؤول الأول الجديد على الجهاز التنفيذي، ومن المزعم أن توضع الوثيقة المكونة من 83 صفحة بـ5 فصول كاملة، بين أيدي النواب ابتداء من هذا الأحد، ليتم تحديد جلسات العرض والمناقشة والمصادقة، خلال الـ 7 أيام الموالية.
وبغض النظر عن هذه المواعيد، يقدم المخطط الرؤية الكاملة، لتجسيد طموحات “كبيرة” أعلنتها البلاد، على الأصعدة الاقتصادية، الاجتماعية والدبلوماسية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، وبعدما كان في سنوات سابقة، تقليص فواتير استيراد المواد الأساسية كالزيوت والسكر والحليب، التي استهلكت ملايير الدولارات مضافة لها ملايير أخرى من التضخيم (حوالي 20 بالمائة) مطلبا سياسيا واقتصاديا لبعض القوى، أصبح إنتاج هذه المواد محليا، مدونا في وثيقة رسمية للحكومة الجزائرية.
الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، لم يخف أن وضع مخطط بهذا السقف العالي من الأهداف، يأتي في سياق صعب، يتسم “بالغموض” حول إمكانية العودة إلى الوضع الطبيعي، في ظل استمرار ظهور موجات متتالية لجائحة كورونا، بتداعياتها السلبية جدا على الصعيد العالمي.
هذا الغموض، يفرض طابعا استعجاليا على عمل الجهاز التنفيذي، ويضاف في آن واحد، إلى “حتمية الشروع في الإصلاحات الهيكلية على الصعيدين المؤسساتي والاجتماعي خصوصا من أجل إنجاح الإنعاش الاقتصادي”.
هذه الضغوط، والتي عادة ما تسبب إرباكا وتذبذبا في التدخل الحكومي على جميع المستويات، يمكن أن تشكل “نقطة القوة” وحجر الزاوية، في تنفيذ أكبر قدر ممكن من سياسية الحكومة ومن خلالها برنامج عمل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
وتعتبر الدوافع الكامنة وراء حتمية المضي قدما في التجسيد الميداني للمخطط أكبر من الأهداف في حد ذاتها. لأن “تغيير النموذج الاقتصادي” والخروج من التبعية للمحروقات والبحث عن مصادر جديدة ومبتكرة للعملة الصعبة، لم تعد من مقومات إبراز الحوكمة الرشيدة فقط، وإنما حتمية لتقوية المقاومة الاقتصادية والمؤسساتية للصدمات التي لا تنتهي في الوقت الراهن.
هذه الحتمية تفرضها، أجندات إقليمية وحروب معلنة، ترمي إلى تطبيق عزل أمني، ورقمي واقتصادي على الجزائر. الأمر الذي تستدعى “الإرادة السياسية” كضامن رئيسي في ترجمة “الضغوط الظرفية” و”الرقابة العمومية” على آداء الحكومة، إلى فاعلية في تجسيد المخطط والتغلب على بؤر المقاومة البيروقراطية للتغيير وفرض أدوات العمل الجديدة كالرقمنة وعصرنة الإدارة وتسهيل الإجراءات وتبسيطها وعصرنة النظام المصرفي والمالي، ووضائع طاقات الإنتاج على السكة الصحيحة.
تجدر الإشارة، إلى أن مخطط عمل الحكومة يتضمن التصور الشامل لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، وأيضا أدوات وآليات تنفيذه، أبرزها إصلاح الإدارة والخروج من التفكير الإداري للفعل الاقتصادي.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.