في كثير من الأحيان يلجأ البعض إلى إلقاء اللّوم على الآخرين لتبرير سوئهم، وظلمهم في «مراوغة» لا أخلاقية لتبرير ما لا يبرّر، هو هروب واضح من تحمّل مسؤولية أفعال قام بها صاحبها بكامل قواه العقلية مع سبق الإصرار والتّرصّد، لذلك غالبا ما يكون «الآخر» مشجبا يُمثّل أفضل الحلول للخروج من دائرة «الظالم» إلى دائرة «المظلوم»، وبين هذه وتلك تضيع مروءة الرجل وأنفته وشهامته، خاصة إذا كان «السّلاح» موجّها نحو امرأة.
وغالبا ما يخطئ الرامي الهدف، لأنّه مخطئ في تقدير الأمور وضعيف في حساب الربح والخسارة، لدرجة أنّ تلفيق التهم وتوزيعها مجانا أسلوب وضيع لا تنطلي أكاذيبه على نبيه، فمهارة استغباء الآخر والاستخفاف بقدراته في الحكم على الناس تكون سببا مباشرا في فشل بلوغ الهدف وتحقيق الغاية المرجوّة، لكن يجب أن نتعلّم ونعي أنّ «النّاس بحار فلا تحكم على أعماقهم وأنت لا ترى إلاّ شواطئهم».
لا يمكن الانصياع لتلك المعطيات الاجتماعية التي تشير إلى تحوّل غير مسبوق في العلاقات الاجتماعية بابتعادها عن الأساس الأخلاقي والإنساني، لتعيش حالة فوضى عارمة لتنقلب رأسا على عقب، ويصبح كل ما كان محظورا في العلاقات الرابطة بين افراد المجتمع الواحد مهلهلة وهشة تتحكم فيها مصلحة شخصية ضيقة، قد تكون سببا في تخلي الفرد عن أقرب المقربين إليه.
علينا كمجتمع كسر «قيود حديدية» يُحكم سحر «القيل والقال» قبضته عليها لنتحرّر من «وضاعة» إنسانية كانت ومازالت سببا في زوال دول وحضارات لجأت إلى «سوق النسا» لتسيير أمورها، علينا أن نتحرّر من تبعات استعمارية حاولت بكل السّبل التضييق من أفقنا وحصره في خبز وماء، علينا أن ندرك أن الحرية ليست فقط راية وقسم وتراب لا تحكمه جيوش أجنبية، بل أيضا مجتمع يتعالى عن «سفائف» الظواهر الاجتماعية، مجتمع يتميّز برقي إنساني يتجلى في كل علاقاته سواء كانت بين أفراد أو فئات أو مستويات اجتماعية.