أعطى حفل تكريم أبطال الألعاب البارالمبية صورة واضحة عن المكانة التي تحتلها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، في صفعة مؤلمة لكل من حاول الاستثمار في تقصير بعض المسؤولين في استقبال أول العائدين من البعثة، فكان إنهاء مهام المسؤول الأول عن هذه المهزلة درسا قاسيا لكل من ينتقص من قيمة كل شخص يرفع الراية الوطنية عاليا.
جاء هذا التكريم ليضع النقاط على الحروف بحذف كلمة «شفقة» من قاموس التعامل مع فئة أثبتت انها تملك إرادة حديدية وعزيمة مكّنتها من صنع المعجزات في مختلف المجالات والقطاعات، ليكون الذهب نتيجة ثمار شجرة غرست بذورها في تربة الامل، ليكون الغد الأفضل ماءها الذي يسقي إرادة تتقوى مع كل فجر يبزغ من جديد.
فكان للذهب الذي زيّن صدور ابطال الألعاب البارالمبية معنى جديد أثبت أن الجسم مجرد رقم إضافي في معادلة النجاح، فلا الإعاقة الحركية ولا الأعضاء المبتورة ولا ظلمة عتمة فقدان البصر استطاعت الوقوف حائلا أمام جني الذهب والفضة والبرونز في اليابان، ليطأطئ الأصحاء رؤوسهم خجلا أمام ما صنعه «ذوو الاحتياجات الخاصة» من إنجازات وصلت الى تحطيم الارقام القياسية.
وجاءت كلمات رئيس الجمهورية بأنّه «لن يتم مستقبلا التفريق بين الرياضيين الجزائريين» قولا فاصلا بيّن الخيط الأبيض من الأسود في وضع مقاييس جديدة في تقييم الرياضيّين، بعيدا عن المحاباة، لتصبح المثابرة والنجاح أهم معيار في التعامل معهم، وهو ما نتمناه أن يكون في مختلف المجالات والقطاعات.
حصيلة إيجابية ومشاركة مشرفة للبعثة الجزائرية في الألعاب البارالمبية وضعت الاصبع على الجرح، عرّت عن ذهنية مجتمع قاصرة لم تستوعب بعد الدور الفعّال لهذه الفئة بمختلف اطيافها في بنائه واستمراريته، جاءت هذه الإنجازات لتضع المجتمع في رهان مع نفسه لتجاوز معاملة «الشفقة» الى تشاركية إيجابية أول خطواتها تربية الصغار منذ نعومة أظافرهم بقبول الانسان بعيدا عن «الكمال» الجسدي، لأن الإصابة بقصور كلي أو جزئي بشكل دائم أو لفترة طويلة من العمر في إحدى القدرات الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية لا يعني أبدا أن صاحبها كائن مشوّه.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.