حينما أُعلنت الجائحة أول مرة، سارعت المخابر عبر كثير من دول العالم إلى البحث عمّا ينقذ البشرية من الفيروس القاتل، ولم يكد الحولُ يدور، حتى كانت خمسة مخابر قد كشفت عن توصّلها إلى خلاصة لقاح يمكن أن يكافح كورونا بكفاءة عالية.
ولم يتساءل بقية «البشر» عن القدرات العلمية التي تمتاز بها المخابر المتفوّقة، ولا عن إمكاناتها الرهيبة التي جنّدتها للعمل، ولا حتى عن طبيعة اللقاح، وإنّما انقسموا على فريقين، أولهما ركّز على (حساب الأرباح) التي يمكن أن تجنيها المخابر المنتجة، بينما اتجه الثاني إلى (تحليل) مناهج توزيع اللقاح، وإمكانات نقله عبر المحيطات (فهامة ما شاء الله)، واشترك الفريقان معا في التعبير عن حاجتهما الملحة إلى المنتج العلمي، دون أن يكلف أحد نفسه عناء التفكير، (ولو لحظة)، في استعمال مجهر يطّلع من خلاله على الفيروس..
هنا، كان «كوفيد التاسع عشر» قد وضع في متناول البشر درسا مهمّا للغاية، غير أن التهافت على اللقاح، لم يسمح لهم بالاستيعاب ولا بالاعتبار، وبقيت أخبار تحولات الفيروس، والإجراءات التي ينبغي اتخاذها وحدها موضوع الساعة، في انتظار أن يفتح الله بشيء يردع المتحوّلات، وينقذ البشر الذين يواصلون وضع أكفّهم على الخدود..
أما الرّسالة السلسة التي مرّرها «كوفيد»، فهي عالية النّبرة، قويّة الحجّة، وهي تقول صراحة إن البشر، في مجملهم، قسمان: الأول يعتني بالعلم، والثاني يحتقره، فأمّا الذين يعتنون بالعلم ويحترمونه، فقد تمكنوا من وضع اللقاح، ولم ينتبهوا مطلقا إلى لغط من يحسبون لهم، بينما يتقوّت القسم الثاني من احتقار العلم وإهماله، والنيل من رجاله، ويكتفي بـ(طول اللسان)، وشحذ الأسنان، والعيش عالة على العالم..
السؤال الآن.. نستوعب الدرس أم ننتظر فيروسا آخر؟!
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.