بدأ العدّ التنازلي للدّخول المدرسي، وبدأ معه الإعداد (اللوجيستي) الخاص بمصاريف الأدوات والكتب والمحافظ والألبسة، وتصاعدت البسملات والحوقلات خوفا من الموعد المقبل الذي سينفض الجيوب، ويقصم الظهور، ويخنق الأنفاس..
ولم تكن هذه عادة الدّخول المدرسي، فقد عرفناه موعدا للفرح، وعنوانا للأمل، ورمزا لانطلاقة جديدة لها ثمراتها، بل كان موعدا توقد له الشموع، غير أنّه هذا العام، يأتي قبل استعادة الوعي من ملحمة عيد الأضحى المبارك، ويتوافق مع جنون عجيب ترتكبه أسعار المواد الغذائية عموما، وما هو أساسيّ منها بصفة خاصة، حتى إن الواحد من الناس، صار يتقبّل معانقة صحون (اللّوبيا) التي تواتر عن الجزائريين أنهم لا يتحمّلونها في أيام الصيف، فإذا بها، مع تضاعف سعرها، تتحوّل إلى طبق يومي في عزّ (الصّمايم).
أمّا العجب العجاب فيما نعيش، فهو أن سيدتنا الأسعار (عافاها الله) ترتفع دون سبب وجيه، ولا حجة مبينة، فهي تمارس هواية الارتفاع وفق ما يحلو لها دون حسيب ولا رقيب، ولو أن بقية العالم رفعت الأسعار، لقلنا إن الأمر طبيعيّ، فقد تعوّدنا على التّاجر الجزائري الذي لا يتابع البورصات العالمية إلا في ساعة الارتفاع، فإذا انخفضت، يبقى وحده في العالم مرتفعا، وهذه واحدة من بركات السوق الجزائرية (العظيمة) التي تستطيع الصمود وهي اشتراكية، بعقلية ليبريرالية، تعتمد اعتمادا كليّا على الإيمان المطلق بأنّ (الرّزق على ربّي).. هي تركيبة مستحيلة تحققت لنا، وحوّلت الحياة إلى جحيم لا يطاق، خاصة حين تتزاحم المواسم والأعياد، وتتراكم المناسبات، وتتداخل طوابير الطوارئ من تهنئة المولود إلى تشييع الميت، وما بينهما مما يستدعي التّدخل العاجل..
الحال صعبة فعلا، غير أن الجزائري الذي عاش بـ»التالقودة»، لن يعييه شيء، فالمتضرّر الحقيقي هو ذاك الذي لا يجد الرفاه إلا على حساب أهله، فلا نامت أعين الخائنين..
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.