من الأمور التي أجدها غريبة هو التضليل الإعلامي الذي يمارسه إعلام المخزن هذه الأيام بخصوص اتهام الجزائر بعرقلة جهود المغرب في التوصل لاتفاق مع نيجيريا حول مد أنبوب غاز (لاغوس- طنجة) لتصدير الغاز تجاه أوروبا، وكأن مشروع الأنبوب ملكية مغربية ونيجيريا تحت وصاية المخزن !
التنافس في المجال الاقتصادي أمر مشروع ومن حق الجزائر أن تسعى بكل قوة لتجسيد هذا الأنبوب وفق رؤيتها تحقيقا لمصالحها العليا، من خلال تمريره عبر أراضيها مما يوفر للجزائر مداخيل إضافية من العملة الصعبة، ومكانة استراتيجية أكبر في سوق الطاقة العالمي، واكتساب ورقة إضافية، لاسيما وأن الجزائر من أكبر المصدرين للغاز الطبيعي للقارة العجوز، اوروبا، في الوقت الراهن بنسبة تصل الى 14 ٪.
إن الأحداث الجارية حاليا بداية بالتغيرات المناخية وأزمة كورونا والتحول في المشهد الطاقوي العالمي يجعل من الغاز «طاقة المستقبل» على الأقل في الخمسين سنة القادمة، فمثلا أعلنت شركة مرسيدس الألمانية أنها واعتباراً من سنة 2025، ستكون جميع الطرازات الجديدة التي تطرحها العلامة مصممة خصيصاً للسيارات الكهربائية، وهذا يحتاج إلى إنتاج كميات إضافية من الكهرباء من مصادر صديقة للبيئة مثل الغاز الطبيعي.
وبالنظر للاحتياطات الكبيرة من الغاز الطبيعي والغاز الصخري التي تمتلكها الجزائر مقارنة بالنفط فإن هذا التحول في مصلحتنا، لاسيما وأن سعر الغاز هذه الأيام بلغ معدلات تاريخية في أوروبا قدرت بـ 1000 دولار لكل ألف متر مكعب بسبب زيادة الطلب وتراجع الاحتياطات الإستراتيجية من هذه المادة لدى الأوروبيين، واقتراب فصل الشتاء البارد حيث يزداد الطلب على المادة.
بالعودة إلى أنبوب الغاز النيجيري وإن كان تأثيره محدود من الناحية الاقتصادية على حصة الجزائر في السوق الأوروبية حتى ولو مر عبر المغرب، ومع ذلك فإن تمريره عبر الجزائر يجعل منها مركزا رئيسا للطاقة في منطقة المتوسط وشمال إفريقيا.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.