يتحدث الدكتور نبيل جمعة، خبير اقتصادي، عن منحة البطالة التي ينبغي أن تكون مؤقتة، ويقترح تبني خيارات جدية تتضمن الرقمنة والذكاء الاقتصادي بما يمكن من إعداد قاعدة بيانات تشرف عليها وزارة العمل لتحديد البطال الحقيقي من المزيف.
ويتوقع أن تبلغ منحة البطال غير المتزوج 10 آلاف دينار، ومنحة البطال المتزوج 15 ألف دينار.
ماذا تمثل منحة البطالة بحسب تقديرك، وما هي المعايير الاقتصادية والاجتماعية التي ترتكز عليها؟
تهدف هذه المنحة للحد من شأفة البطالة سواء وسط خريجي الجامعات والمعاهد ومراكز التكوين المهني أو من أنهوا دراستهم الثانوية أو مختلف البطالين الذين تعذّر عليهم الظفر بمنصب عمل.
لكن دون شك فإن الحكومة لن تمنح هذه المنحة للبطال قبل أن تتأكد من عدم توفر منصب عمل له، علما أن هذه المنحة ستكون مؤقتة لفترة محددة إلى غاية توفير منصب شغل للبطال، وبالتالي تتوقف هذه المنحة، ويهدف من خلال هذه المنحة منع جنوح الشاب اليأس، وبالتالي قد يسلك طريق الحرقة أو السرقة والانحراف.
الجدير بالإشارة، هناك إشكالية ما هو مقدار المنحة التي يتقاضاها البطال المتحصل على شهادة الدكتوراه؟
أعتقد أن البطال المتزوج وأب لأطفال ستكون منحته أكبر أي ربما منحة البطال الأعزب 10 آلاف دينار، والمتزوج بأطفال 15 ألف دينار، لأن العامل الذي يشتغل شهريا 22يوما راتبه 18 ألف دينار لذا أتوقع منحة البطالة ستحدد بمبلغ 10 آلاف دينار.
وتتولى وزارة العمل الجهة الوصية مهمة البحث عن مناصب شاغرة للبطالين عن طريق الرقمنة ووفقا لقاعدة بيانات، مع وجود عدد كبير من العمال في السوق الموازية يربحون أموالا أكثر من العمال والموظفين، لذا يجب مراقبتهم تماما مثل الدول المتقدمة لأنه لم يصبح لها سوق عمل موازية ولا تعثر على حالة أن العامل يعمل يوميا في ثلاث مناصب شغل، وحان الوقت لرقمنة قاعدة بيانات وتوفير إحصائيات دقيقة.
المنحة ليست حلا للبطالة، بل مرافقة إلى عالم الشغل، كيف تنظر إلى مراكز التشغيل المحلية؟
صحيح أنها منحة ظرفية تسقط العديد من السلوكيات المشينة مثل منع انتشار ظاهرة الوساطة للظفر بمنصب عمل، لأن وزارة العمل تصبح الجهة التي تمنح مناصب شغل للبطالين، والبطال الذي لم يجد عملا تكون له الأولوية والأقدمية وفق آليات جديدة، وإذا تم فتح الاقتصاد وتحرير الاستثمار سيتم الحد من البطالة لأن الجزائر بلد قارة، علما أن العمال يرفضون الرواتب الضئيلة.
نحتاج لإنجاح هذا التحدي لتخفيف البطالة لمستويات متدنية أن يتوجه المشروع إلى مستحقيه.
على سبيل المثال اليابان اقتنت حاسوب بمبلغ 700 مليار لتسيير كل قاعدة بيانات خاصة بالبلد تتضمن عدة قطاعات مثل التشغيل والسكن. واقترح على وزارة العمل إعداد إحصائيات وقاعدة بيانات ضخمة على خلفية أننا سننفق أموالا معتبرة مع منح البطالين، وإذا غابت البيانات فإن قائمة البطالين ستتضاعف من مليون لخمسة ملايين، لأنه من السهل إحضار وثائق البطالة.
واطلب أن تقوم وزارة العمل بإحضار جرد وبيانات عن البطالين الحقيقيين، حتى لا تتكرر تجربة الدعم التي يخصص لها 17 مليار دولار لدعم القدرة الشرائية عبر أسعار السكر والقهوة والخبز، واعتقد أن نسبة كبيرة لا تصل للمواطنين.
هناك إجماع على أن القدرة الشرائية فقدت كثيرا من وزنها، ما هي أسباب هذا التدهور؟
لا يخفى أن القدرة الشرائية تأثرت كثيرا مع تداعيات فيروس كورونا، ولم يطل ذلك الجزائر وحدها، بل جميع دول العالم فنجد على سبيل المثال فرنسا وحدها بلغت ديونها الداخلية بسبب الجائحة نحو 500 مليار أورو.
لذا ينبغي في الوقت الراهن أن نسير بحذر حتى لا نفاقم ديون الخزينة الداخلية، وفي نفس الوقت نشرع في تطوير أساليب العمل والتسيير والتفكير ونتبنى الذكاء الاقتصادي والرقمنة والتقدم التكنولوجي.
الأسعار في الأسواق العالمية ارتفعت كثيرا فنجد أسعار القمح والذرى ارتفعت بنسبة لا تقل عن 40 بالمائة، يضاف إلى ذلك تدهور عملة الدينار وتعويمه.
نجد أن أسعار اللحوم البيضاء في السوق الوطنية ارتفع بنسبة 100 بالمائة، ومن الضروري التنبيه إلى تدهور القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة والفقيرة، فلم يعد بمقدور الأسرة المتوسطة اقتناء سيارة بعد أن وجدت نفسها فقيرة، وهذا بحد ذاته يدق ناقوس الخطر، لأنه من المفروض أن الطبقة المتوسطة من ترفع الاستهلاك والإنتاج وتساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتمثل هذه الطبقة المهمة 50 بالمائة من الطبقة الشغيلة، لأنه اليوم لا تمثل سوى 20 بالمائة وفي تدهور قدرتها الشرائية يسجل عودة خطر التضخم وتراجع حاد في الاستهلاك، ونحتاج اليوم إلى تغيير بعض المعايير ومراجعة الرواتب والأسعار، لأن رئيس الجمهورية أكد على ضرورة إصلاح اقتصادي وتجديد اقتصادي.
كيف يمكن إنعاش سوق التشغيل المحلية والتأسيس لحلول واقعية تقضي على شأفة البطالة؟
لإنعاش سوق التشغيل يجب القضاء على البيروقراطية، وإطلاق الشباك الوحيد للمستثمرين وبدل أن يستغرق ملف المستثمر 3 سنوات، يمكن أن يحسم في ملفه في ظرف 30 دقيقة وبالتالي نسرع من وتيرة فتح مناصب الشغل الجديدة وفتح الاقتصاد لمن يرغب في العمل والسهر على تحسين مناخ الأعمال، لأن المستثمر القادر على توظيف 1000 عامل يستحيل أن نترك ملفه ينتظر سنوات، لأننا بهذه الخطوة سنجهض العديد من الفرص الثمينة التي تسمح بفتح عدد كبير من مناصب الشغل وينتج عن ذلك أننا سنطيل من عمر تفشي البطالة.