ماذا لو تتحوّل قصة فرار المساجين الفلسطينيين الستة من أخطر سجون الاحتلال الصهيوني إلى فيلم سينمائي يصوّر فيه السيناريست عملية الفرار الفارقة في العصر الحديث بسجن جلبوع الأشد تحصينا وحراسة؟
إنّ توفّر المادة الخام لتصوير فيلم سينمائي من هذا النوع سوف يحدث الفارق في الصناعة السينمائية، خاصة وان عملية التخطيط لفرار الستة لم تكن بالأمر السهل، فالعملية تطلبت ما يزيد عن التسعة أشهر من أشغال الحفر في دهاليز الأنفاق تحت الأرض، والشأن نفسه بالنسبة لكاتب السيناريو سيشتغل هو الآخر في أحداث العقد السينمائية لدغدغة المشاهد واللعب على أوتارهم بالإثارة و«السيسبانس”، خاصة وأن شهادات شخصيات العملية التاريخية لم تسرب منها إدارة الاحتلال أية تفاصيل تتعلق بالهروب التاريخي، وبقيت سرا من الاسرار الامنية التي قد تعرض المنظومة الامنية للاحتلال الى هزيمة.
تبقى آليات الإبداع مشرعة وحقلا مكشوفا ومفتوحا أمام الكتاب والمخرجين لتناول زوايا الاثارة بعقدة وحبكة إضافية أكثر تعقيدا، قبل أن تخوض ذات الادارة في التفاصيل الدقيقة، وتدعي أنها صاحبة القوة والسبق بدليل أنها أوقعت بهم في فاصل زمني مهم، لتبقى دوما الشجرة التي تخفي الغابة في نظر الآخرين.
أحداث الهروب من قصر جلبوع الأمني جدير بتحويلها الى فيلم كبير يليق بمقام الأسرى الفلسطينيين، وما قاموا به من تحدي استهدف قوات الاحتلال وضربها في عقر دارها، التفاصيل الدقيقة ستصنع الفارق دون شك، وتتحول تلك المشاهد الى صناعة سينمائية، تضاهي أفلام هوليود على غرار فيلم “الكاتراس”، الذي لا يزال يتربع على أعلى قائمة للصناعة السينمائية في العالم من حيث المبيعات وأرقام المتابعات.
الفرار من سجن جلبوع فعل إرادي وإنساني بحت، إلا أن الآليات والظروف والأبعاد تختلف وشتان بين صاحب حق يدافع عن أرضه وعرضه يتعرض للرهبة والأسر، وإرادة احتلال تفرض سياسة الترهيب والتدمير، وبين “جلبوع” و«الكاتراس” مسافة وهمية، وحدود جغرافية تذللها سلطة الصورة، وتختزلها حبكة السيناريو، فتزول مسافات الامان ويذوب الخوف أمام أداء أسطوري لممثلين شباب يحولون تلك الارادة الى لقطات سينمائية عالمية بامتياز بوجود نص إبداعي يليق بمقام المقاومة ضد الاحتلال.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.