دخلت الأزمة السياسية الليبية منعرجا مفصليا أربك حسابات البعثة الأممية والأطراف الرئيسة الداعمة لخيار تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في موعدها، المقرر في ديسمبر المقبل، والتي اصطدمت بواقع لم يكن متوقعا في الوقت الحالي وتبدو مؤشراته خطيرة على المشهد السياسي والأمني مع خشية من إمكانية العودة إلى المربع الأول في حال استمرت القوى الدولية الفاعلة في ليبيا في تعقيد الوضع وتأزيم فرص الخروج من عنق الأزمة.
من المبكر الحديث عن عودة الأزمة إلى المربع الأول وسقوط اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين الفرقاء في أكتوبر الماضي، غير ان تلميح رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الى ذلك يعني أن الوضع وصل إلى منعطف خطير بعد خطوة مجلس النواب الليبي بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، وجعلها حكومة تصريف أعمال وهو ما قد ينسف كل الجهود الأممية التي أعادت الملف إلى المسار السلمي السياسي.
ولم يستبعد المنفي عودة الفوضى إلى ليبيا إذا تأجلت الانتخابات الرئاسية التي تعتبر محطة خروج من الأزمة، وأمام ليبيا إما النجاح في التحول الديمقراطي عبر إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ومقبولة النتائج ومن ثمة الانطلاق نحو الاستقرار الدائم والازدهار، وإما الصراع والعودة إلى مربع الانقسام والاقتتال و الفوضى أكثر من الماضي بالنظر الى التحولات الجيوسياسية في دول الجوار.
وشكلت خطوة مجلس النواب التي اعتبرتها السلطة الليبية المؤقتة غير مقبولة، خطوة تؤكد نوايا أطراف ليبية لا تسعى إلى استقرار ليبيا ومصالحة أهلها، بل كلّ ما يهمها، مصالح الشخصية وطموحاتها السياسية على حساب مأساة المواطن الليبي الغارق في فوضى الصراع على السلطة، كما يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية تاريخية في حال العودة إلى مربع الحرب باعتباره المسؤول الأول عن تحقيق الاستقرار، بعد رفض دول فاعلة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة الأمر الذي أدى إلى غياب الثقة بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي.
وهنا تبرز الحاجة إلى ضرورة وجود ضمانات حقيقية لتحقيق النجاح الذي يصبو إليه اللّيبيون للوصول إلى دولة ديمقراطية ومدنية، أو الغرق في مستنقع حرب طويلة.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.