بقدر ما للأزمة الاقتصادية والصحية من ثقل على وتيرة النمو، إلا أن المؤشرات الكلية تقود إلى رسم معالم مشهد اقتصادي يؤسس لنموذج جديد يرتكز على معادلة توازن بين الإيرادات على محدوديتها والمشاريع التنموية قلبها النابض، حوكمة في الإدارة والمبادرة في الميدان، يكون الولاة قاطرة التغيير عبر انفتاح على المحيط بما يستوعب كل الإرادات الصادقة في استكمال البناء الوطني بجميع مكوناتها.
المعركة اليوم في الميدان، حيث مجابهة الواقع وتجاوز الصعاب ضمن الرؤية المسطرة، تتراجع أمامها كل أنانية أو رغبة، بالنظر لما تواجهه البلاد من تحديات تستنهض همم الجميع في خندق الدفاع عن المصالح الوطنية، من بوابة الاعتماد على الطاقات والإمكانات المحلية، تحتاج فقط إلى إدراجها في مسار التكامل ضمن معايير التغيير التي تم اعتمادها وفقا للخيارات النابعة من إرادة المواطنين، الذين يتطلعون دوما للأفضل.
لم يعد الوالي ذلك الموظف المتخندق في مكتب فخم ويتابع ما حوله بالهاتف أو عبر وساطات، غالبا ما تكون متأخرة عن الحقيقة، أو تشوبها انتهازية. لذلك، فإنه مطالب بأن ينزل إلى الميدان حيث الورشات معطلة والمشاريع متوقفة لترميمها وتحريك دواليبها حتى تنطلق مجدّدا حاملة معها آمال الشباب في العثور على منصب عمل ينتشلهم من بطالة قاتلة يستثمر فيها أعداء الوطن عبر الترويج لمغالطات والتسويق للإحباط، أمر لا يمكن أن يكون في بلد بحجم قارة وثروات تنتظر من يستخرجها ويحولها إلى قيمة مضافة.
ولعل الولايات الجديدة أفصل فرصة لتجسيد نمط إدارة محلية حديثة قلبها النابض الرقمنة التي تفتح الأفق وتؤسس لجسور تواصل تفاعلي من شأنها أن تصحح صورة الموظف المحلي وتعيد الاعتبار للمواطن من كل الفئات، سواء طالب خدمة عمومية أو حامل مشروع استثماري أو متعامل لديه الرغبة في المساهمة في مشاريع النهضة التنموية، فمن شأن الرقمنة أن تعزز الشفافية وتقطع دابر الفساد فتسقط هالة الوالي المتعالي أو المعزول ليكون بحق عون الدولة الفاعل في تنافسية بين الأقاليم، بل تكامل بينها. حان الوقت لإنجازه برؤية اقتصادية منتجة للقيمة المضافة، ركائزها تكافؤ الفرص وأسبقية الكفاءة وسباق المشاريع.
© 2020. جميع الحقوق محفوظة ليومية الشعب.